الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العصمة انقطعت بالطلاق الثلاث الأول

السؤال

إخواني في الله أنا شاب في السادسة والثلاتين من عمري كنت متزوجا من فتاة وعندي منها بنت، أحببت زوجتي وكنا نعيش حياة سعيدة إلى أن جاء يوم سافرت فيه إلى أهلها لمدة أسبوع وفي غيابها تعرفت على فتاة ونويت الزواج منها وعند عودة زوجتي من سفرها صارحتها بما أنا مقدم عليه وأقنعتها أنني سأوفق بينهما فوافقت، وبعد موافقتها ذهبت إلى أهل الفتاة الثانية لأطلب يدها من أهلها وأقنعتهم أن زوجتي الأولى موافقة فوافقوا على زواجي من ابنتهم واستعددنا للزواج ولتعدد الزوجات، ففي بلدي القانون يلزمني بموافقة الزوجة الأولى أمام القاضي وأخبرت زوجتي بالأمر فوافقت أن تحضر أمام القاضي فتحدد يوم الجسلة والحضور أمام القاضي وفي الصباح الباكر كنت في المحكمة وحضرت الزوجة الثانية، لكن الزوجة الأولى لم تحضر انتظرناها كثيرا ولم تحضر فقمت بالاتصال بها هاتفيا على هاتفها النقال فقالت لي إنها ستأتي بعد قليل ولم تأت فقمت بالاتصال ثانيا وثالثا لكن دون جدوى وأخيرا رد علي شخص آخر من هاتفها وقال إنها ليست هنا فانتظرناها في المحكمة ولم تأت، ولعدم حضورها تأجلت الجلسة ليوم آخر فغضبت كثيرا لما فعلت بي ولم أعد أعرف ما أقول لأهل الزوجة الثانية، لأنهم جاءوا من مدينة أخرى لإنهاء الموضوع فغضبت وخرجت من المحكمة في اتجاه مقر عملها وقبل دخولي إلى المتجر الذي تعمل فيه اتصلت بهاتفها فرد علي نفس الشخص قائلا إنها ليست هنا فدخلت مقر عملها فصدمت لقد كانت هناك ولا تريد الإجابة، فغضبت غضبا شديدا لم أعد أرى شيئا فوبختها وصرخت في وجهها وقمت بتحطيم هاتفها من شدة غضبي لم أعر أي اهتمام لمقر عملها فكل شيء وقع أمام الجميع وقلت لها أنت طالق بالثلاث مع العلم أنني لم أكن أقصد الطلاق ثم تركتها وخرجت وفي المساء وعند دخولي إلى البيت وجدتها هناك وكنت غاضبا فقلت لها إن عليها أن تذهب إلى بيت أهلها فهي طالق بالثلاثة وخرجت ثانية، وسؤالي: هل هذا الطلاق واقع فقد كنت في حالة غضب؟ مع العلم أنني لم أطلقها من قبل وإن لم يكن، فما الحل لرجوعها إلي؟ مع العلم أننا لم نتطلق بعد عند القاضي، ففي الأوراق الرسمية ما زالت زوجتي مع العلم أنني هجرتها منذ خمس سنوات لهجرتي خارج الوطن لأسباب، أفتوني بارك الله فيكم فهناك من يقول الطلاق لم يقع وهناك من يقول الطلاق وقع واحدة وأستسمح إن كنت قد أطلت في قصتي هذه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجواب على سؤالك يقتضي التنبيه على عدة أمور:

1ـ يباح للمسلم أن يتزوج زوجة ثانية وثالثة ورابعة، إذا قدر على العدل بين نسائه، وكان مستطيعاً من حيث النفقة والمسكن والعشرة، قال الله تعالى: فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ {النساء:3}،

وزواج الرجل من زوجة ثانية لا يشترط فيه علم الزوجة الأولى ولا إذنها، لأن هذا حقه الذي أباحه الله له بشرط العدل بين زوجاته، وراجع الفتوى رقم :95102

2ـ ما أقدمت عليه من شتم زوجتك وإيذائها وتكسير هاتفها كلها أمور محرمة فعليك التوبة إلى الله تعالى من ذلك، مع طلب السماح من زوجتك وتعويض هاتفها الذى أتلفته بدفع مثله أو قيمته، وراجع الفتويين رقم: 79531، ورقم: 6897.

3ـ قولك لزوجتك: أنت طالق بالثلاثة ـ يترتب عليه وقوع الطلاق ثلاثا عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة، وهو القول الراجح ولو كنت لا تقصد طلاقا، لأنه صريح في الطلاق فلا أثر فيه للنية، وعلى هذا القول فلا يجوز أن تراجع زوجتك ولا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك ـ نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه من أهل العلم تلزمك طلقة واحدة وعلى هذا القول فلك مراجعتها قبل تمام عدتها إن كنت لم تطلقها من قبل -كما ذكرتَ- وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم: 30719.

وراجع أيضا الفتوى رقم: 5584.

ثم الغضب لا يكون مانعا من وقوع الطلاق إلا في حالة فقد الإدراك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35727.

4ـ بخصوص قولك: قلت لها أن تذهب إلى بيت أهلها فهي طالق بالثلاثة ـ لا يلزم به شيء لا على مذهب الجمهور ولا على مذهب ابن تيمية، ولو قصدت به إنشاء الطلاق، أما على مذهب الجمهور فلأن العصمة قد انقطعت بالطلاق الثلاث الأول، وبالتالي فهذا الطلاق الثاني لم يصادف محلا، وبالنسبة لشيخ الإسلام ابن تيمية فلا يقع الطلاق الثاني على مذهبه، لكونه قد حصل قبل رجعة، وراجع الفتوى رقم: 129665.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني