الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة وهجر صاحب السوء وهل ينفق على أهله مما اكتسبه من بيع الخنزير

السؤال

لو سمحتم رجاء أستحلفكم بالله أن تردوا على رسالتي عندي سؤال كالتالي: سرقت ملابس وأطعمة من محلات تجارية في سويسرا والآن أنا مقيم هنا وأمارس الجنس مع شاب منذ ثلاث سنين وخمر ومعاصي، وفي أواخر رمضان الماضي قررت أن أتوب فتركت الخمر والجنس وبدأت أصلي والآن لا أعرف كمية المسروقات، لأني أريد أن أرجعها حيث أقدرها بستة آلاف فرنك سويسري ولكن لا أعرف أصحاب المحلات حيث بكل قرية أو مدينة أكثر من فرع، والموظفون لا أظنهم يقبلون المال إن عرضت عليهم ولا أدري ما أفعل، وصديقي الذي كنت أمارس معه الجنس لا يستطيع أن يتوب لأنه شاذ وحاولت معه أكثر من مرة بالنصيحة وأحمل قرآنا من النت ومحاضرات للمشايخ لأستفيد منها وأفيده لكنه لا يقبل ذلك ويصر على أن يعود إلى ما كنا عليه وأنا لا أريد ذلك، فهل إذا تركته أأثم لأنني لم أقدم له شيئا؟ والله حاولت كثيرا كثيرا لكنه لا يستجيب وفي بعض المرات يهددني بأنه سوف يقتل نفسه إذا تركته لا أعرف ما يريد فماذا أفعل؟ وأنا الآن أعمل بمطعم فيه خنزير وخمر وأنا من سورية لا أستطيع أنا أعود الآن وأنا من عائلة فقيرة ستة أشخاص في غرفة واحدة لقد جمعت الآن ما يكفي لأعينهم، فهل عملي حرام؟ وهل فرض علي أن أعود إلى أي بلد إسلامي حيث إنني أستطيع أن أذهب إلى ليبيا وأعمل هناك ولكن أخاف أن يفضحني صاحبي هناك حيث سرق أرقام هواتف لأقاربي؟ عفوا لإطالتي والله لا يوجد أحد يفتيني هنا وأحتاج الإجابة والنصيحة وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ألممت أيها الأخ بذنوب عظيمة وجرائم جسيمة، فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من كل ما أنت مقيم عليه من المعاصي، وأن تستمر في التوبة مما سلف منك وتبت إلى الله من فعله، فأما صاحب السوء هذا فعليك أن تهجره هجرا تاما وأن تعرض عنه إعراضا كليا، فإن جريمة اللواط التي مارستها معه والتي يدعوك إلى العودة إليها من أشنع الجرائم وأقبح الموبقات، وانظر الفتوى رقم: 124496.

ولا تأثم بهجره، بل تأثم بصلته والإصرار على صحبته المؤدية للشر والمنكر، وعليك أن تترك هذا العمل المحرم وتبحث عن عمل مباح في البلد الذي أنت فيه أو في غيره، ولا تخش فضيحة هذا الشخص لك، فإن من تاب إلى الله واعتصم به حفظه الله وسلمه مما يكره، ثم لو فرض أنه فعل ففضيحة الدنيا أهون من فضيحة الآخرة، ولكن ثق واجزم بأن الله تعالى سيعينك إذا أقبلت عليه وأنبت إليه فإنه تعالى مع المتقين المحسنين، ومن كان الله معه لم يضره شيء، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ {النحل:128}.

والمال المكتسب من بيع الخنزير مال محرم يجب التخلص منه في وجه من وجوه الخير، فإن كان أهلك فقراء كما ذكرت فلا بأس في الصدقة به عليهم، وانظر الفتوى رقم: 138803.

وأما ما في ذمتك من بدل الأشياء المسروقة فيجب عليك أن تتحرى وتجتهد في معرفة أصحابها ثم تدفعها إليهم، فإن توبتك لا تكمل إلا بذلك، فإن لم تستطع إيصال هذا المال إليهم فتصدق به عنهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني