الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وطء المرأة في دبرها هل يعد كفرا

السؤال

هل يخرج من الملة من أتى امرأة في دبرها؟ فلدي صديق يقيس على ذلك اللواط فيقول اللواط أشد من الوطء في الدبر، فيكون اللواط كفراً وهو قد وقع في اللواط، لكنه يظن أن توبته صعبة جدا وأظن أنه مُحبط لسماعه حديث رجل فوق رجل لا يشم ريح الجنة فيعتقد أن التوبة لا تكفي، فما هي الطرق حتى أدعوه إلى ترك المعاصي وأن يصلي؟ فهو يترك الصلاة كثيراً وقد استعملت معه أساليب كثييرة للدعوة، ونسألكم الدعاء بالهداية والتوفيق، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فوطء المرأة في دبرها محرم، وهو من الكبائر ـ عياذا بالله ـ وكذا اللواط من كبائر الذنوب وموبقات الأعمال، ولكن ليس هذا من الكفر، بل هو من جنس المعاصي التي من تاب منها غفر الله له ومن مات مصرا عليها فهو تحت المشيئة، وأما حديث: من أتى امرأة في دبرها فقد كفر، فمن العلماء من حمله على المستحل، ومنهم من حمله على أنه كفر دون كفر، وهو الصحيح قال ابن رجب: وللعلماء في هذه الأحاديث وما أشبهها مسالك متعددة: منهم: من حملها على من فعل ذلك مستحلا لذلك، وقد حمل مالك حديث: من قال لأخيه يا كافر ـ على الحرورية المعتقدين لكفر المسلمين بالذنوب، نقله عنه أشهب، وكذلك حمل إسحاق بن راهويه حديث: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها فقد كفر ـ على المستحل لذلك، نقله عنه حرب وإسحاق الكوسج ومنهم من يحملها على التغليظ والكفر الذي لا ينقل عن الملة كما تقدم عن ابن عباس وعطاء، ونقل إسماعيل الشالنجي عن أحمد، وذكر له قول ابن عباس المتقدم وسأله: ما هذا الكفر؟ قال أحمد: هو كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض، فكذلك الكفر حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه. انتهى.

فإذا علمت هذا فعليك أن تبين لصاحبك أنه مهما عظم ذنبه وكبر جرمه فإن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، والله تعالى يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها توبة صادقة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

فعلى هذا الرجل أن يتوب من ذنوبه توبة نصوحا، وأن يندم على ما قدمت يداه، وليعلم أنه إن صدقت توبته فسيغفر الله زلته ويقيل عثرته بمنه، وليعلم أن ترك الصلاة من أكبر الموبقات وأعظم الذنوب، وأنه أكبر مما اقترفه من الجرائم العظام، فليتب إلى ربه وليحافظ على صلاته، ولتنظر الفتوى رقم: 130853، في بيان خطورة ترك الصلاة.

وعليك أنت أن تستمر في مناصحته وتفتح له أبواب الرجاء وتعلمه سعة رحمة الله تعالى وأنه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره واجتهد في الدعاء له عسى الله أن يهديه.

وأما الحديث الذي ذكرته في السؤال: فلا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني