الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التصرف إذا اختلطت الفائدة برأس المال ولم يمكن تمييزها

السؤال

قد من الله الكريم عز وجل ببعض المال وخوفا من أن يضيع أو أن يتلف اضطررت لوضعه في بنك ربوي لأنه لا يوجد عندنا أي بنك إسلامي أو بنك فيه قسم إسلامي كما في بعض البلدان وبحكم أحوالي في الدنيا أضطر أحيانا ألى أخذ قسط من المال وأحيانا يمن علي الله عز وجل بمال فأضيفه إلى رصيدي ولكن بحكم ما يدخل وما يخرج من المال اختلط علي المال الربوي فلم أعرف نسبته وذلك بسبب أن النسبة من الفائدة تختلف بقدر المال، فكيف أتصرف؟ وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيمكن الرجوع إلى البنك ولتمييز رأس المال من الفائدة ولكن إن كان ذلك غير ممكن والتبس قدر الحرام فالواجب الاجتهاد والاحتياط في ذلك، قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (3/ 366) عند تفسيره لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {البقرة:278}: " قُلْتُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ." انتهى

وقال ابن مفلِح في الفروع: ومتى جهل قدر الحرام تصدق بما يراه حراماً، نقله فَوْرانُ فدل هذا على أنه يكفي الظن، وقاله ابن الجوزي.

وبناء عليه فالواجب عليك الاجتهاد في ما يغلب على ظنك أنه هو الفوائد الربوية المحرمة فتدفعها إلى الفقراء والمساكين تخلصا منها وما بقي من رأس مالك فهو حلال لك. وإذا كنت تخاف ضياع المال أو سرقته فأنت معذور في إيداع المال بالبنك الربوي للحاجة إلى ذلك وعدم وجود بديل إسلامي لكن لا بد من الاقتصار على محل الحاجة كفتح حساب جار بدل التوفير ونحوه لتحقق الغرض المقصود به وهو أخف شرا.وانظر الفتوى رقم: 57474.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني