الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق زوجته وطلب منها العودة إليه، ولما انقضت عدتها تزوجت

السؤال

تزوجت وبقيت عند زوجي شهرين ثم رجعت إلى بلدي وطلقني بعد شهر، وبعد أكثر من شهر طلب مني أن أعود له فقلت له إن شاء الله أريد أن أفكر في الموضوع وأنت فكر أيضا، وبعد انتهاء العدة تزوجت، فهل زواجي باطل، لأنني سمعت أنه بمجرد أن قال زوجي السابق لي أن أعود فقد أصبحت زوجته؟ وقرأت أيضا أنه من الممكن للرجل أن يرجع زوجته بكلمة أو لمسة أو قبلة وفي المذهب الحنبلي لا ترجع له إلا بالجماع، فإذا أخذت بهذا المذهب فهل زواجي صحيح أو باطل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يشترط لصحة الرجعة علم الزوجة أو رضاها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 106067.

فإن كان زوجك قد أرجعك قبل انقضاء عدتك ثم تزوجت فزواجك باطل، وإن كنت علمت بالرجعة وتزوجت فقد ارتكبت كبيرة، قال ابن قدامة: وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالرَّجْعَةِ، أَوْ عِلْمِ أَحَدِهِمَا، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَالْوَطْءُ مُحَرَّمٌ عَلَى مَنْ عَلِمَ مِنْهُمَا، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّانِي فِي الْحَدِّ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ وَطِئَ امْرَأَةَ غَيْرِهِ مَعَ عِلْمِهِ.

لكن مجرد طلب زوجك عودتك لا تحصل به الرجعة، فإن الرجعة تحصل باللفظ الصريح ـ بلا خلاف بين الفقهاء ـ أو بالكناية مع النية، وعند الحنابلة والحنفية تحصل بالجماع ولو بغير نية، وصيغة الأمر لا تصلح للرجعة، قال المررداوي: وَالْحَالُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُضَارِعِ، وَلَا بِالْأَمْرِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ: وَعْدٌ، وَالثَّانِي: لَا يَصْلُحُ لِلْإِنْشَاءِ، وَلَا هُوَ خَبَرٌ.

وراجعي الفتوى رقم: 96423.

فإن كان زوجك لم يراجعك حتى انقضت عدتك فقد بنت منه وزواجك بعده صحيح، وإن عاد زوجك الأول وادعى أنه قد راجعك ولم يكن له بينة فلا يقبل قوله، قال ابن قدامة: فإن ادعى رجعتها بعد العدة، فأنكرته فالقول قولها، لأنه في زمن لا يملكها والأصل عدمها.

والذي يفصل في مثل هذه الأمور هو القاضي الشرعي، فإن عدم فليعرض الأمر على أهل العلم الموثوق بهم في المراكز الإسلامية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني