الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كتابة الطلاق في رسالة تليفونية

السؤال

سؤالي بخصوص الطلاق هل مازالت زوجتي في ذمتي.
سأشرح لكم ما حدث بالتفصيل: عندما تزوجنا أحسست بنوع من الضيق في صدري ونفور من زوجتي، وكنت أحيانا عندما أراها ساكتة لا تتكلم معي أضيق وأتضايق كثيرا، وأخيرها بقولي ما رأيك أن نفترق وكل منا يذهب إلى طريقه، فردها هو البكاء والتسخط من قولي، ثم أتذكر وكأنني قلت الكلام مكرها ورغما عن أنفي بسبب الضيق الذي أشعر به.
يوما ما حدث خلاف وتوتر شديد بيني وبين زوجتي وكانت تريد الذهاب إلى أهلها بسبب أنها تحس بضيق هي أيضا، فغضبت لأنه كان وقتا متأخرا جدا، وكان لدي عمل بعد وقت قصير جدا. أخذتها وتشاجرنا في الطريق، الحقيقة لا أذكر شيئا غير أني عندما أنزلتها أرسلت لها رسالة تخويف وزعل وغضب بأن تأتي أمها وتحمل متاعها من البيت ( قولي لأمك تأتي وتأخذ عفشك من البيت ) بعدها صار شجار طويل بين أهلي وأهلها وتصالحنا وعادت إلى البيت، ولكن الوسوسة بعدم حبي لها وكراهيتها عادت مرة أخرى، وأحيانا أكتب رسالة في جوالي وأقرؤها وكأنني أخاطب زوجتي بأننا لا نصلح لبعض، وللعلم أنا أعاني من وساوس كثيرة واكتئاب، وأنا أتعاطى مضادا للاكتئاب والوسوسة. في يوم من الأيام اكتشفت زوجتي الرسالة وقرأتها، وعاتبتني عليها وسكت، وقلت لها: والله لا أعلم أنا أحبك أو لا أحبك، أكرهك أو لا أكرهك، أريدك أو لا أريدك.
أحيانا هي تتضايق من الجلوس في البيت وتزجر ونتشاجر، وأقول لها إذا لم يعجبك العيش معي فذاك بيت أهلك يمكنك الذهاب إليه. في يوم من الأيام حدث أيضا خلاف بيني وبينها وتدخلت أمها كما تدخلت سابقا في كل الأمور، ذهبت لبيت أهلها وانقطعنا فترة وكنت أتصل ولا ترد، أرسل الرسائل و لا ترد وأمها وإخوتها يتصلون على أمي وإخواني ويشتكون مني ومن سوء ألفاظي أحيانا، مع أنني لا أتلفظ بكلام بذيء إلا إذا غضبت وبعدها أندم. حاولت أن أتصل بها مرارا وتكرار، أرسلت لها رسائل عديدة ولكنها باءت بالفشل لبضعة أيام ثم بعد ذلك كتبت رسالة ( أنت طالق ) ووالله لم أكن أنوي الطلاق ولكن أردت التخويف وتحريك مشاعرها الجامدة تجاهي.
ثم بطريقة أخرى عن طرق أمها، وللعلم فإن أمها هي مكان العقد والحل، ولا يحدث شيء إلا عن طريقها وتأثيرها كبير على زوجتي، استطعت أن أعيد زوجتي بالبكاء عند أمها، وعمل وليمة عشاء إرضاء لأمها ولإخوانها، ثم عادت الأمور إلى مجاريها وعادت إلى البيت، وفي يوم غريب كنا زوجين عاديين جدا وزوجتي قد عينت بوظيفة خارج مدينتي بعد أن أتيت بها إلى بيتي بثلاثة أيام، وبعد جماع في طهر في أحد الأيام حدث شجار بأن طلبت مني أن أوصلها إلى البيت بحجة أن البيت غير نظيف وهي لا تطيق الجلوس فيه، وأنها متضايقة من ابني الذي يصيح ويئن، زاد الشجار بيني وبينها ورفعت صوتها وسبت وشتمت، وأنا ساكت لم أقل شيئا غير أنني تعبت وتضايقت كثيرا خاصة أن الطفل كان بين يدي وهو ينظر إليها وهي تبكي بدون سبب، وإن كان هناك سبب فأنا لا أعرفه، قد يكون لأنني قلت لها أنت قليلة أدب وما تستحي على وجهك. أخذت الجوال واتصلت بأمها لإنقاذ الموقف، ولم يخطر ببالي أن أخرج أو أعمل شيئا آخر لأنه في ذلك الجو يصعب التفكير، اتصلت بأمها وهي تطلب مني بأن لا أتصل، ولكنني اتصلت وأخبرتها بكل شيء، وقد سمعت بكاءها ونحيبها وزمجرتها حتى إنها أخذت الجوال من يدي وكلمت أمها بأنني مخطئ، وفعلت ما فعلته وأنا والله لا أعلم ما الذي فعلته كي يستوجب كل الذي حدث، أو قد أكون مجنونا لا يعي ما يحدث .. بعد إنهاء المكالمة مع أمها أخذت تبكي وتنوح ورمت الجوال على الأرض، وقامت وقالت لي أنا أكرهك أنا ما أبغاك أي لا أريدك. فما كان مني إلا أن قلت لها أنت طالق.
ما هو الجواب إبرء للذمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما رسائل الجوال وما كتبته فيه مما لا تقصد به الطلاق بل مجرد التهديد فلا يعتبر طلاقا ولا يقع به الطلاق، وكذلك قولك لأمها أولها خذي متاعك من البيت ونحو ذلك من الألفاظ غير الصريحة وأنت لا تقصد بها الطلاق فلا يقع، وأما الطلاق الأخير الذي نطقت به صريحا لزوجتك فهو واقع، وبالتالي فهي الآن طالق منك، لكن لك مراجعتها إن كان ذلك هو الطلاق الأول أوالثاني ما دامت في عدتها، ويمكن ذلك بقولك لها أرجعتك إلى عصمتي ونحو ذلك مما يدل على الرجعة، ويستحب الإشهاد عليها لكنه لا يشترط . قال تعالى : وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ {البقرة:228}.

وننصحك باجتناب ألفاظ الطلاق والتعريض به حتى تستقيم الزوجية بينكما وتستقر الألفة والمودة في قلبيكما، وإذا وجد أحدكما ضيقا واكتئابا فينبغي أن يخرج من البيت حتى يذهب عنه ما يجد، فتذهب هي إلى أهلها حتى يزول ذلك الشعور وهو من المرض كما ذكرت ، وأما التصرف أثناء ذلك الشعور فلا ينبغي لأنه سبب كل ما ذكرت من الخصام والمشاكل بينكما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني