الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس للمرأة طلب الطلاق إلا لمسوغ شرعي

السؤال

أنا مقيم حاليا في بريطانيا، متزوج منذ 20 عاما، ولدي 3 أولاد، ومنذ 3 شهور وقعت زوجتي في حب رجل اعتقل في سوريا بسبب الانتفاضة وطلبت الطلاق، لأنها تخطط لتقول له إنها تحبه وتريد أن تتزوجه إن قبل، فهل هي أزمة منتصف العمر؟ أم مس من الشيطان؟ أم ماذا؟ وهذا الرجل طبيب وهو زميل والدها والتقت به مرة واحدة فقط في عام 2007 ، وعندما سمعت عن القبض عليه في أكتوبر 2011 وقعت في حبه وقررت الطلاق، وكانت حياتنا مثالية حتى الأسبوع الأول من شهر يناير عام 2012، في الماضي كان لدينا بعض المشاكل المالية، لأنني فقدت وظيفتي ولكن هذا لم يتسبب في مشاكل في حياتنا العادية، وكذلك الأطفال، تتهمني بسوء المعاملة والفشل لأنني فقدت عملي مرتين، وقد حصل ذلك للآلاف في بريطانيا، وكثير منهم مهندسون، وكان لدينا بعض المشاكل المالية ولكن هذا لم يتسبب في مشاكل في حياتنا العادية، لكنها تصر وأهلها على تحميلي المسؤولية لقرارها طلب الطلاق، ولا يقبلون حتى سماعي والدفاع عن نفسي وجميع الأصدقاء ـ وخاصة أصدقاء والدها، لكن أنا على شبه يقين أنه في قرارة نفسه يعرف أن ابنته على خطأ ـ يشهدون بسمعتي الطيبة وأخلاقي وصبري والله يعلم بأنني مظلوم، أنا لا أنكر أخطائي في حقها والإساءة أحيانا، ولكنها لم تقصر من جانبها والسبب أنها محبة للسيطرة وادعت أنني تزوجتها طمعا، والله يشهد أن ذلك غير صحيح. وكل ما حصل أن والدها أعجب بأخلاقي ودراستي ـ نحن في الأصل أقرباء وسمعتنا معروفة لديهم والله يعلم ـ فقدم لي عرضا للسفر إلى إيطاليا حيث يقيمون لإكمال دراستي كمهندس كهرباء، وعرض علي الزواج من ابنته التي أحبتني هي أصلا وأحببتها من أعماق روحي، وبعد تخرجي عملت كمهندس كهرباء منذ 15 عاما، ولم أطلب أو أحتاج إلى مساعدة إلا من الله الذي أراني من آياته ومعجزاته ما زادني إيمانا ويقينا بحب الله لي، فهو لم يتخل عني أبدا، وكلما ضاقت فرجها من أوسع الأبواب، وقد عرض علي والدها عدة مرات مبلغا لبداية أي مشروع تجاري أو هندسي وقد رفضت خوفا من الفشل في المشروع، ومن العواقب العائلية إن فشل المشروع لذلك فضلت أن لا أطلب أي مال منه، طعنت زوجتي في كرامتي وسمعتي وفضحت أسرارنا الزوجية، واتهمتني بالهوس والله إني أحبها ولم أنظر إلى امرأة أخرى، حاولت في مناسبات إقناعها أن تغير رأيها لكن بدون جدوى، هي تشعر أنها قوية لأنني أحبها وهي مصممة على إذلالي، وسمعتي أصبحت في الطين بسبب ما تقوله عني، وهذا آلمني كثيرا ولا يمكن السكوت أو التعايش معه لبشاعة وشناعة ما تقوله عني خاصة مع أعز الأصدقاء وأيضا مع صديقاتها، كل ما يهمني الآن هم الأولاد وسمعتي، وزوجتي لا تزال تنكر تماما أن هذا هو السبب، ولديها شبه يقين أنه سيرفضها لأسباب عرقية فقد علمت من أحد أصدقائه أن الرجل الكردي لا يتزوج إلا امرأة كردية وهي عربية سورية، أيضا وحسب رأيي الشخصي والدته لن توافق على زواجه من مطلقة تجاوزت الأربعين لها ثلاثة أولاد، وحتى أكون منصفا أنا أعتقد أن السبب هو عدم الاستقرار المالي وتمكني من شراء منزل، ولكني حاولت بدون نجاح والله هو المعين، فنحن مضطرون للاستئجار ولكن لم نحتج أبدا إلا إلى الله، أنا أحب التوفير وليس التقتير ولم تتيسر الأمور بعد، وهذا هو مأخذها الرئيسي علي، ولكن يشهد الله أن حياتنا كانت كريمة ولم أقصر بحق زوجتي وأولادي يوما واحدا وليس لدي أي أصدقاء أسرتي هم أحبائي وأصدقائي، أنا على يقين بأن لكل شيء أجل ولن يحصل إلا ما كتبه الله، الظلم يقتلني ويشتت أفكاري وخوفي من اتهاماتها الباطلة، لقد قلبت الباطل حقا والحق باطلا، أرشدوني فأنا مستعد لأي شيء من أجل الأولاد، أنا أدعو لها بالهداية وأدعو لنفسي بالنصر على من ظلمني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إلا لمسوّغ كما لو كان زوجها ظالما لها أو كان فاسقا أو فاجرا أو عاجزا عن تأدية حق من حقوقها، أو لنفورها منه لعيب في خلقه أو خلقته، وقد ورد وعيد شديد لمن تطلب الطلاق لغير مسوغ، قال صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد.

وعليه، فإن كانت زوجتك تطلب الطلاق لرغبتها في الزواج برجل آخر فذلك منكر ظاهر قبيح، وإن كانت تطلب الطلاق لأنك لم تشتر لها بيتا فلا حق لها في ذلك، فإن مسكن الزوجية لا يشترط أن يكون مملوكاً للزوج، وإنما يكفي أن يملك منفعته بإجارة أو إعارة أو غيرها، وانظر الفتوى رقم: 172935.

فبين ذلك لزوجتك وذكرها بالله وخوفها عاقبة ما تفعله، واعلم أن هذه الأزمة قد لا تكون أزمة منتصف العمر أو أنها بسبب مس من الشيطان، وإنما قد تكون أزمة الإقامة في بلاد الكفار وشؤم التأثر بأخلاق غير المسلمين وعاداتهم المنكرة، فينبغي أن تحرص على الإقامة في بلاد المسلمين ما وجدت إلى ذلك سبيلا، وتمسك بدينك وتعلم أحكام الشرع وعلّمها زوجتك وأقم حدود الله في بيتك، فإن استقامت زوجتك وعاشرتك بالمعروف وإلا فهي ناشز، وقد بينا كيفية التعامل مع الناشز في الفتوى رقم: 1103.

وإذا أصرت على طلب الطلاق فلا يلزمك إجابتها إليه، ويجوز لك في هذه الحال أن تطلقها على أن تسقط لك بعض حقوقها أو جميعها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8649.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني