الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التخلص من الفوائد الربوية بصرفها في أوجه الخير

السؤال

بعد الحمد لله والثناء عليه، أرجو من فضيلة الشيخ إفتائي في المسألة الآتي عرضها:
أعمل قاضيا بإحدى الهيئات القضائية المصرية، وكل هيئة من تلك الهيئات لها ناد اجتماعي يديره مجلس إدارة منتخب من جمعية عمومية، تشكل من مجموع أعضاء الهيئة المعينين لتولى مهام القضاء، وانطلاقا من دور النادي المنشأ من أجله في توفير شتى الخدمات الممكنة للأعضاء وسعيه لتحقيق ذلك، فقد خاطب رئيس الدولة منذ عامين تقريبا بضرورة توفير قطعة أرض للسادة القضاة من أجل إقامة مسكن كريم يليق بهم، وبالفعل استجابت رئاسة الجمهورية وخاطبت الحكومة بالتكليف لإنجاز هذا الأمر والتي بدورها خصصت للنادي ضمن أراضي هيئة المجتمعات العمرانية مساحة من الأرض بسعر يقل عن سعرها الحقيقي؛ ولذلك فهذا التخصيص يحمل ميزة رخص ثمن الأرض، وبالتالي انخفاض سعر الشقة التي سيحصل عليها كل عضو بعد تنفيذ مشروع البناء عليها.
وهو ما دفع أغلب الأعضاء إلى المبادرة بالتقدم في هذا المشروع إلا أن الإشكالية المطلوب الفتوى فيها أن النادي باعتباره القائم على التنفيذ وضع نظاما للسداد يُلزم كل عضو بأن يخصم مبلغ شهري من راتبه بالإضافة إلى أقساط نصف سنوية، وجميع هذه المبالغ تودع في حساب المدينة السكنية التابع للنادي في أحد البنوك التي تتعامل بالفائدة، وستمر فترة قد تصل إلى ثلاث أو أربع سنوات قبل أن يبدأ النادي في سحب تلك المبالغ ( الأقساط - الفائدة ) ويقوم ببناء هذه المدينة على قطعة الأرض المذكورة، وهذا النظام في السداد والإيداع البنكي مفروض على كافة السادة الأعضاء والبعض يراه – معاذ الله – في صالحنا لأن الفوائد ستقلل من المبلغ المطلوب لكل شقة والذي سيُحدَد بصفة نهائية عند التخصيص والتسليم .
وما يؤرقني جدا هو أنني أرفض هذه الفوائد، وأعلم ما جزم به علماؤنا الثقاة من أنها ربا، كما أعلم جسامة حرمة الربا في دين الله ووعيد الله بحربه ورسوله على من يستحله، ولكنها في المقابل مفروضة علىَّ، ومستعد لسداد كامل الثمن من دونها لأستفيد من ميزة رخص ثمن الأرض، ولو لم أشترك في المشروع ستضيع فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى.
والسؤال هنا: هل أنا وغيري الرافضين لهذه الفائدة واقعون في الربا وعلينا وزره؟ أم أنه مال مختلط يجوز لنا التعامل فيه؟ وإذا كان الجواب بحرمة أو شبهة الاشتراك في النظام المذكور، فأريد أن أعلم مشروعية أمر أعرضه على حضراتكم قد يكون حلا أبتعد به عن هذا الربا الذي اختلط بأصل مالي الحلال، وفي نفس الوقت أستفيد من تخصيص الأرض على النحو المبين والمترتب عليه رخص ثمن الشقة عن مثيلاتها ألا وهو :
أولا : أعرض على النادي تخصيص رقم حساب لمن يريد السداد بدون فوائد ويدفع كامل المبلغ المطلوب منه عند التسليم، وما سبق من فوائد يرد لكل عضو للتصرف فيه لأي جهة خيرية، وهذا الاقتراح في الغالب سيقابل بالرفض لأن النادي يرغب على حد قول أحد أعضائه في التعامل مع المشروع برقم حساب واحد حتى لا يدخل في حسابات معقدة .
ثانيا : وهو حل أرجو أن أطهر به مالي من هذا الربا عن طريق معرفة مبلغ الفائدة الذي خُفِضَ ثمن الشقة بمقداره بعد تمام البيع والتسليم ثم أُخرج هذا المبلغ لأي جهة خيرية امتثالا لقول الله تعالى: " وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ "
وأخيرا أرجو أن تكون الإجابة واضحة وقاطعة، وهل الأمر ما يزال فيه شبهة أم إنه حلال بالنسبة لي مائة بالمائة؟ مع العلم أنني لن أتردد في سحب هذه الأقساط إن كنت شريكا في الإثم رغم ما تقدم ذكره. مع خالص شكري وتوقيري لفضيلتكم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على تحريك للحلال وبغضك للحرام، وهكذا ينبغي ان يكون المسلم الحريص على دينه الذي يؤمن أن الدنيا ليست غاية بل هي وسيلة وأنها دار ممر لا دار مقر، وأن بعدها يوما للجزاء والحساب . والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت .

وأما ما سألت عنه فجوابه أن البرنامج المذكور ما دام أنه لا اختيار للموظف فيه بل لا بد له من إيداع الأقساط بذلك الحساب وإلا لم يستطع الوصول إلى حقه فيما خصصته له الدولة، فيكون إثم إيداع المال بالحساب الربوي على القائمين على المشروع (النادي) وما تحصل عليه الموظف من الفوائد وأضيفت إلى أقساطه يجب أن يتخلص منها بأن يصرف قدرها في وجوه البر ومنافع المسلمين العامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني