السؤال
لقد من الله علي بأنني عندما أعرف أن شيئا حرام فإنني أحاول ألا أفعله إلا بعض الأشياء فنحن لسنا ملائكة، ولكن أحاول بفضل الله
وسؤالي هو أن أمي تلومني مثلا على أنني أريد ارتداء الملحفة ثم النقاب ـ إن شاء الله ـ وتقول لي إنها تخاف علي في المستقبل من الندم لأنني عندما كنت صغيرة لم أتمتع بحياتي كسائر البنات، ولكنني أقول لها بأنني إن شاء الله لن أندم، وأيضا عندما عرفت أن لفظ: والنبي ـ مثلا لا يجوز الحلف به فإنني انتهيت عن قولها، وعندما أقول لهم بأنه لا يجوز مثلا فإنني أحس في عيونهم ونظراتهم كأنهم يريدون أن يقولوا بأنني متشددة وأحيانا يقولون لي كلاما يحبطني ويجعلني أقول إنني لن أقول لهم شيئا مرة أخرى، فأريد نصحي جزاكم الله خيرا وبماذا تنصحونني بخصوص الرد على كل من يقول لي لا تضيقي على نفسك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، ثم اعلمي أن الواجب على كل مسلم أن يطيع الله تعالى فيما يأمره به وأن يترك ما ينهاه عنه، لأن هذا هو مقتضى العبودية لله وحده، والمسلم الكامل يتلقى جميع أوامر الله بالتسليم والإذعان، قال تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51}.
وليس في دين الله عسر ولا حرج البتة، بل دين الله كله يسر ورحمة والحمد لله، بل السعادة كل السعادة والراحة وقرة العين ولذة النفس وطمأنينة القلب لا تنال إلا في التقرب إلى الله تعالى والاجتهاد في طاعته، فمهما ظن الناس أنك تشددين على نفسك أو خاطبوك بمثل هذا فأعلميهم أنهم أتوا من جهة سوء ظنهم بهذا الشرع المطهر واعتقادهم أن الالتزام به تحجير وتضييق على النفس وهذا وهم عظيم، بل ما سعد من سعد في هذه الدنيا إلا بطاعة الله تعالى، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}.
فبيني لهم أنك بالتزامك بالدين واستقامتك على الشرع تبحثين عن السعادة الحقيقية وتطلبين راحة الدنيا والآخرة، وأن من يطلب السعادة في التفلت من أحكام الشرع يشقي نفسه من حيث يظن أنه يسعدها، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}.
فاستمري فيما أنت عليه من فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه، ولا يثنينك عن ذلك تثبيط المثبطين وتخذيل المخذلين فإن الغرباء هم الذين يصلحون إذا فسد الناس وقد بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: فطوبى للغرباء.
ولا تتركي نصح وتوجيه من تجدينه يقع في شيء من مخالفة الشرع، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم شعائر هذا الدين، ولكن تحري في نصحهم الأسلوب الرفيق الذي يستميل قلوبهم ويكون أقرب إلى قبولهم، واجتهدي في دعاء الله تعالى أن يثبت قلبك على دينه، فإنه تعالى هو مقلب القلوب.
والله أعلم.