الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق ليس بأول الحل

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أبلغ من العمر 31 سنة، حصلت على منحة دراسية في إحدى الدول الأوروبية لدراسة الدكتوراة، وقبل سفري بأربعة أشهر، صليت صلاة الاستخارة بخصوص الزواج من قريبتي. وما أعرفه عنها في ذلك الوقت أنها تصلي، ومطيعة. وأنا كعادتي في صلاة الاستخارة لا أشعر بميل أو بنفور مما أستخير فيه، ولكني أتقدم نحو الأمر وإذا كان ليس خيرا فالله سيصرفني عنه أو يصرفه عني بإذنه تعالى.
تزوجت قبل سفري بثلاثة أشهر على أن آخذ زوجتي معي بعد أن تستقر الأمور ماديا. وظهر لي في هذه الفترة (فترة الزواج قبيل سفري) عناد من زوجتي، والطاعة على مضض. ولم يكن لأهلها أي دور في نصحها بضرورة طاعة الزوج في غير معصية.
اكتشفت فيما بعد وأنا في غربتي عن طريق الصدفة أن زوجتي خالفتني في أمور طلبت منها أن لا تفعلها، واتفقنا على ذلك، وقامت بفعلها وأنا غائب عنها ظنا منها أني لن أعلم. وهي تقول أمامي إنها لم تخالف أمري.
ضاق صدري كثيرا بمخالفة زوجتي لأمري وتظاهرها بعدم مخالفتها، وعلمت بعد الزواج أن إخوتها وأخواتها يقومون بعمل أمور بدون علم أهلهم ويبدو لي أن هذا طبع فيهم.
أنا أكره هذا الطبع بشدة، لأن الزوجة وإن وضعت مخافة زوجها أمام عينيها وتركت مخافة الله عز وجل وخالفت أمر زوجها بدون علمه فإن ذلك يشكل خطرا كبيرا على استقرار الحياة، ولا أرغب في المستقبل أن أعيش هذا الظرف، لأن غياب الثقة وخصوصا أني مشغول بالبحث العلمي يجعلني أفكر مليا في الأمر وتعبت من التفكير. فكيف أئتمن على بيتي وأولادي من تخالف أمري بدون علمي، ولا تضع نصب عينيها مخافة الله في ذلك، مع عدم وجود أهل ناصحين لها.
وإني لأستحي أن أستخير ربي في موضوع الطلاق لأني لا أعلم هل الطلاق مباح في هذه الحالة، و لأني استخرت ربي في موضوع الزواج. فكيف أستخيره في أمر اختاره هو -عز وجل- لي. وإني لأعلم أن الإنسان ربما لا يستطيع أن يرى الخير لأن الخير يمكن أن يكون في الدين أو المعاش أو عاقبة الأمر، حتى إنه ربما لا يرى الإنسان الخير في معاشه لأن نظرته قاصرة.
هل الطلاق مباح أصلا في هذه الحالة ؟
هل يجوز الاستخارة في الطلاق إذا كان مباحا، وكنت قبل ذلك استخرت في الزواج؟
في حال عدم جواز الطلاق في هذه الحالة هل من الجائز هجر زوجتي عند رجوعي في الإجازة لتأديبها، علما بأني كنت غائبا عنها لفترة 7 شهور؟ وكم من المدة يجب أن أهجرها إن لم ترجع للحق؟
أفتوني يرحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنك لم تبين لنا ما أمرت زوجتك به وعصتك فيه، وينبغي أن تعلم أن طاعة الزوجة زوجها تجب في أمور النكاح وتوابعه كما هو مبين بالفتوى رقم 50343. فهذه الطاعة لا تجب بإطلاق. وإذا نشزت الزوجة وعصت زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه فليس الطلاق بأول الحل، وإنما هنالك خطوات تسبقه ينبغي للزوج أن يتبعها، ويمكن الاطلاع عليها بالفتوى رقم 1103.

والطلاق مباح وخاصة إن دعت إليه حاجة ولكنه يكره لغير حاجة، وانظر لذلك الفتوى رقم 12963. فإذا تيقنت وجود ما يقتضي إباحة الطلاق كسوء خلق مثلا فيشرع لك الاستخارة في أمر طلاقها، لأنها استخارة في مباح وهي جائزة. واستخارتك في الزواج لا تمنع استخارتك في الطلاق. وأما إذا لم تجد ما يدعو إلى طلاقها فطلاقها مكروه فلا تشرع الاستخارة في طلاقها، إذ لا استخارة في مكروه كما سبق وأن أوضحنا بالفتوى رقم 93254.

ويجوز هجر الزوج زوجته عند وجود مقتضاه كنشوزها، إلا أن لهذا الهجر ضوابطه المبينة بالفتويين: 7119 - 71459. وغاية هذا الهجر عند العلماء شهر، كما بينا بالفتوى رقم 26794.

وننبه إلى وجوب التبين فيما إذا بلغ الزوج عن زوجته شيء عملا بقول الله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني