السؤال
في أحد عقود المقاولات الدولية هناك فقرة تقول إن المقاول إذا عمل في أرض وأثناء العمل وجد كنزا أو آثارا فهي من حق رب العمل الذي يعمل لصالحه المقاول. أليس هذا النص مناقضا للشرع؟ وما حكم هذا الكنز شرعا هل هو للمقاول أم للعامل الذي يجده والذي يعمل لصالح المقاول، وذلك لأن العقد لايتكلم عن عامل وإنما عن طرفي عقد فقط مالك ومقاول، وأنا أريد أن أعدل هذه الفقرة في العقد. فهل أقول هي من حق العامل بمقتضى الشرع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في من وجد كنزا في باطن أرض غيره هل يكون لواجده أم لمالك الأرض، وهو مبني على القاعدة الشرعية هل لمالك الأرض باطنها أم لا يملكه. وقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية إلى أن الركاز -الكنز- الموجود في دار أو أرض مملوكة يكون لصاحبها، وفي رواية أخرى عن أحمد وهي المذهب أنه لواجده.
قال ابن قدامة رحمه الله: القسم الثالث: أي من أقسام الركاز.. أن يجده في ملك آدمي مسلم معصوم أو ذمي، فعن أحمد ما يدل على أنه لصاحب الدار، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن. ونقل عن أحمد ما يدل على أنه لواجده وقال القاضي: هو الصحيح، وهو قول الحسن بن صالح وأبي ثور واستحسنه أبو يوسف، وذلك لأن الكنز لا يملك بملك الدار على ما ذكرنا في القسم الذي قبله فيكون لمن وجده، لكن إن ادعاه المالك فالقول قوله لأن يده عليه بكونها على محله. وإن لم يدعه فهو لواجده. وقال الشافعي: هو لمالك الدار إن اعترف به وإن لم يعترف به فهو لأول مالك لأنه في يده. انتهى مختصراً.
وفي حاشية الروض المربع تفصيل حسن وهو أنه : لو كان الواجد له "أي للكنز" أجيرًا لغير طلبه، كنقض جدار، وحفر بئر ونحوها. فهو له لا لمستأجره، فإن كان واجده أجيرًا فيه، فلمن آجره، لأن الواجد نائب عنه في استخراجه.
وعلى ذلك فالقول بأن الكنز يكون لمالك الأرض وليس لواجده من مقاول أوغيره ليس مخالفا للشريعة ولا يلزم تغييره، لكن لو اتفق العامل مع مالك الأرض على الأخذ بقول من يرى كون الكنز لواجده لا لمالك الأرض فلا حرج في ذلك، فكلا القولين في المسألة معتبر .
وبناء عليه لا حرج في العمل بأحد الرأيين فيها من اشتراط كون الكنز لمالك الأرض أو لواجده "العامل في الأرض".
والله أعلم.