السؤال
ما رأي الشارع في أب عندما يغضب يتلفظ بلفظ الطلاق في أغلب الحالات ومن ثم يتصالح مع الأم وكأن شيئا لم يكن والبنت تقف محتارة أمام رأي الشارع وتخاف أن تقول لوالدها لا يجوز أو أن يذهب إلى مفت لا يتفهم ذلك وخائفة أن تسأل أمام الله على تقصيرها في نصحهما، فهل فعلا تكون مذنبة أمام الله لأنها لا تقوم بعمل شيء؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكرت من أن أباك يكثر من التلفظ بالطلاق فهو مسيء بذلك، وقد سبق أن بينا أن الإكثار من التلفظ بالطلاق نوع من اتخاذ آيات الله هزوا، فراجعي الفتوى رقم: 132110.
وله من ذلك كله طلقتان والثالثة تبين بها الزوجة بينونة كبرى فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها الزوج الجديد أو يموت عنها، وانظري الفتوى رقم: 30332، ففيها بيان أنواع الطلاق.
إذن، فمن المحتمل أن تكون أمك قد حرمت على أبيك، فالواجب نصحه بمراجعة أهل العلم ومشافهتهم بما حدث فعلا ليبينوا له الحكم، وينبغي نصحه برفق ولين وبالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يلزم أن يكون النصح من قبلك مباشرة، بل يمكنك أن تسلطي عليه بعض الفضلاء ممن ترجين أن يقبل قوله ويكون له تأثير عليه، فإن فعلت فقد أديت الذي عليك، وإذا علمت أمك أنها قد بانت منه بينونة كبرى فلا يحل لها تمكينه من نفسها، بل عليها مفارقته ولو بفدية تدفعها إليه، جاء في المغني لابن قدامة: فإذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك وأنكر أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين لم يحل لها تمكينه من نفسها وعليها أن تفر منه ما استطاعت وتمتنع منه إذا أرادها وتفتدي منه إن قدرت، قال أحمد: لا يسعها أن تقيم معه وقال أيضا: تفتدي منه بما تقدر عليه, فإن أجبرت على ذلك فلا تزين له ولا تقربه وتهرب إن قدرت، وإن شهد عندها عدلان غير متهمين فلا تقيم معه، وهذا قول أكثر أهل العلم... إلى أن قال: لأن هذه تعلم أنها أجنبية منه محرمة عليه فوجب عليها الامتناع والفرار منه كسائر الأجنبيات. اهـ.
وننبه إلى أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا إذا كان صاحبه لا يعي ما يقول، كما بينا بالفتوى رقم: 35727.
والله أعلم.