الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى جواز نصح من يظلمها زوجها بالطلاق

السؤال

هناك فتاة نصرانية عمرها 20 عاما، تزوجت من مسلم بعمر ال50 عاما هربا من ظلم أهلها واتفقا على أن تظل بكرا، ولكنه على حد قولها اغتصبها أكثر من مرة. وزوجها هذا لا يصرف عليها أبدا بل بالعكس يسرقها ويبيع مقتنياتها، ولا يأبه إن نامت خارج بيتها. وهو يقضي حاجاته الجنسية مع نساء ليل. فهي هربت من ظلم أهلها إلى ظلم أكبر.
سؤالي: إذا نصحتها بالطلاق مع عدم وجود أي نية في داخلي إلا إصلاحها وتخليصها من الظلم. هل تعتبر نصيحتي لها نوعا من التخبيب؟ وادعوا لي بالتوبة من كل ذنب. وأدعو الله أن يوفقكم ويجمعنا في الفردوس الأعلى بصحبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا من قبل أركان النكاح التي لا يصح دونها، وهي في الفتوى رقم: 7704، وأنت هنا لم تبين لنا إن كان هذا الرجل قد نكح هذه الفتاة بإذن وليها أم لا، وما إذا كان قد توفر باقي الأركان أم لا. فإن كان قد نقص بعض تلك الأركان كأن يكون قد وقع بدون إذن وليها فهو باطل يجب فسخه، لأن الولي شرط لصحة النكاح على الراجح وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ كما بيناه بالفتوى رقم: 2843. هذا مع العلم بأن النصرانية يلي نكاحها وليها من أهل دينها، فإن لم يوجد فيتولى تزويجها قاضي المسلمين لا قاضي أهل الكتاب، وهذا عند الشافعية، فإن لم يمكن تولى نكاحها أساقفتهم ونحوهم من الكفار كما هو مذهب مالك. وسبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 44490.

وعلى تقدير أن هذا النكاح قد وقع صحيحا فإن هذا الشرط باطل، ولا يؤثر على صحة العقد، لأنه ينافي مقتضى هذا العقد، نعني اشتراط أن تبقى بكرا، وهذا يعني منع زوجها من وطئها، فلا يعمل بهذا الشرط ويجوز له وطؤها ولا يجوز لها الامتناع عنه. ولا يسمى ذلك اغتصابا. وتراجع الفتوى رقم: 174961. وإذا امتنعت من تمكين زوجها من نفسها فإنها تعتبر بذلك ناشزا فلا نفقة لها.

وإذا كان زوجها يسيء عشرتها على النحو المذكور فهو ظالم لها بسرقة أموالها ومقتنياتها، وظالم لنفسه بما هو عليه من الإثم. فينبغي أن ينصح بأسلوب طيب ويذكر بالله تعالى وبسوء عاقبة الظلم وما ذكر معه عسى أن يتوب. وإذا استمر على غيه فلا شك في أن الأفضل لها فراقه ولو في مقابل عوض تدفعه إليه، فلا خير لها في معاشرة مثله. ومساعدتها في أمر الطلاق في هذه الحالة لا حرج فيها إن لم تكن ثمة تهمة، ولا يعتبر ذلك تخبيبا كما أوضحناه بالفتوى رقم: 113256. والتخبيب جاء بيان معناه في الموسوعة الفقهية بقولهم: وتخبيب زوجة الغير خداعها وإفسادها، أو تحسين الطلاق إليها ليتزوجها أو يزوجها غيره. اهـ.

ونسأل الله أن يوفقنا وإياك للتوبة من كل ذنب، وأن يجمعنا في الفردوس الأعلى بصحبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني