السؤال
ما قولكم في من وقع في معصية قي قديم الزمان أصبح بعدها لا يستطيع رفع رأسه أبدا؟ ولعل عظم ذنبه في ظلم قديم الزمان ، وكل ما حاول لذلك سبيلا التم عليه الشعراء والكتاب والعامة من الناس حتى من كان يظن أنهم صالحون لا يدعونه حتى ينزل رأسه..ويصيرونه عبدا...وإن لم يفعل أخذوا يشهرون به..حتى باعه الكل قريب وبعيد ،وضاقت عليه الدنيا بما وسعت حتى رأى فقره بين عينيه ، وشعر أنه مطعون بمئة ألف سهم بعد أن أذن مؤذن السوء حتى اشتهر أمره ، وأصبح مذبوحا لا ليله ليل ولا نهاره نهار حتى لم يعد يطيق الحركة
وهل تنطبق عليه هذه الآية في الحياة الدنيا (ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)؟
وماهو السبيل لدفع طغاة الأرض ذوي السيوف المرهفة...الذين جعلوه نارا على علم مطأطئ الرأس؟
بارك الله فيكم ووفقكم لشكر نعمه تعالى التي وهبكم إياها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن عصى الله تعالى فالواجب عليه أن يتوب توبة نصوحا مستوفية لشروطها وأركانها، فيندم على ذنبه ويقلع عنه ويعزم على ألا يعود إليه، وإن كان ذنبه متعلقا بحق آدمي فلا بد من رد الحق إليه، فإذا تاب هذه التوبة النصوح فإن الله عز وجل يقبل توبته ويمحو عثرته ويجبر كسره، ويرجع من ذنبه كمن لم يذنب كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ثم إن صدقت توبته لم يضره ما يفعل الناس به أو يقولون عنه فإن الدنيا سريعة الزوال وشيكة الارتحال، فليصبر على ما يصيبه من أذى، ولعلها محنة من الله تعالى امتحنه بها ليرفع بها درجاته ويكفر بها سيئاته، وعليه أن يناصح من يؤذيه ، ويبين له أنه ليس له أن يعيره بذنب قد تاب إلى الله تعالى منه ، ويعلمه أنه آثم بأذيته له معرض نفسه لعقوبة الله تعالى، فإن انتهوا عن أذيته فالحمد لله، وإن لم ينتهوا ولم يمكنه دفع أذاهم عن نفسه فليصبر وليعلم أن له العاقبة الحميدة عند الله عز وجل كما قال تعالى: والعاقبة للتقوى، وقال تعالى: وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط. وليستعن بالله تعالى وليكثر من دعائه واللجأ إليه فإنه لا يكشف الكروب ويفرج الهموم ويزيل الغموم إلا هو سبحانه وبحمده، والاعتصام به تعالى هو أعظم السبل لدفع كيد الطغاة ومكر الماكرين وكيد الكائدين. نسأل الله ألا يسلط علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا.
والله أعلم.