الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

من كان في الصف الأول وأحس بوجود ألم في البطن ويستطيع أن يتحمله وفي نفس الوقت هناك ريح يريد أن يخرج منه ويستطيع مدافعته حتى نهاية الصلاة فهل يدافع؟ أم يخرج الريح ويخرج من الصلاة؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن مدافع الأخبثين يُسمى بالحازق، والأخبثان هما: البول، والغائط.
وقيل: الحازق مدافع الريح فقط، ومدافع البول فقط يُسمى: بالحاقن، ومدافع الغائط ُيسمى: بالحاقب، كما ذكره ابن عابدين في رد المحتار.
ومذهب الشافعية والحنابلة كراهة ابتداء الصلاة وهو يدافع الأخبثين أو أحدهما، فإن خاف فوات الوقت صلى على حاله.
قال ابن مفلح في الفروع: ( ويكره ابتداؤها مع مدافعة الأخبثين). ا.هـ
وقال في المغني: (إذا كان حاقناً كُرهت له الصلاة حتى يقضي حاجته، سواء خاف فوات الجماعة أو لم يخف). ا.هـ
فإن صلى دون أن يقضي حاجته صحت صلاته مع الكراهة، وإنما قلنا بصحة صلاته هنا وهو الراجح، لأن النهي هنا تعلق بفوات فضيلة لا فريضة.
قال عز الدين بن عبد السلام في قواعد الأحكام: (أن يُنهى عن الشيء لفوات فضيلة في العبادة فلا يقتضي الفساد، كالنهي عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين، فإنه يُنهى عن ذلك لما فيه من تشويش الخشوع، ولو ترك الخشوع عمداً لصحت الصلاة). ا.هـ
وقال النووي في المجموع: (والمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء صحة صلاته مع الكراهة). ا.هـ
ومذهب الحنفية: الكراهة مطلقاً، وهي كراهة تحريم عندهم، سواء كان قبل ابتداء الصلاة أو في أثنائها، وعليه أن يخرج عندهم من الصلاة إن عرض له فيها وشغله عنها، إلا إذا خاف فوات الوقت، فإن أتمها صحت وأثم.
قال ابن عابدين في رد المحتار: (قال في الخزائن: سواء كان بعد شروعه أو قبله، فإن شغله قطعها، إن لم يخف فوات الوقت، وإن أتمها أثم.) ا.هـ
ومذهب المالكية كمذهب الشافعية والحنابلة في الجملة، إلا أنهم يقولون: إذا وصل الحاقن إلى حد لا يقدر معه على الإتيان بالفرض أصلاً، أو يأتي معه لكن بمشقة، فإنه يُبطل الصلاة.
قال الخرشي في شرح مختصر خليل: (أو أتى به على حالة غير مرضية بأن يضم وركيه أو فخذيه، ولا يأتي بالصلاة إلا بصعوبة شديدة. واعلم أن محل بطلانها بالشغل إذا دام، وأما إذا حصل ثم زال فلا إعادة). ا.هـ
والراجح -والله أعلم- هو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو: صحة صلاة الحاقن مع الكراهة، إلا إذا أدى الحقن إلى فوات ركن أو واجب. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني