الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعريف الدين...والأديان الوضعية هل تدخل في مسماه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمما تعريف الدين لغة وشرعا وهل الديمقراطية والاشتراكية دين مثلا؟ وفقكم الله وسدد خطاكم. وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالدين لفظ جاء في لغة العرب على معان متعددة، منها الطريقة والمذهب والملة والعادة والشأن، كما تقول العرب في الريح "عادت هيفُ لأديانها"، ويقولون: ما زال ذلك ديني وديدني، ومنها الجزاء والمكافأة يقال: دانه بدينه ديناً أي جازاه، ويقال: كما تدين تُدان أي كما تجازي تُجازى بفعلك، وبحسب ما عملت، ومنها سيرة الملك ومملكته، ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
لئن حللت بجو في بني أسد في دين عمرو وحالت بيننا فَدَكُ
يريد موضع طاعة عمرو وسيرته.
ومنها: السياسة، والديان السائس، ومنه قول ذي الإصبع:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزوني
ومعنى ديَّاني سائسي.
ومنها: الطاعة والعبودية والخضوع تحت سلطان آخر والائتمار بأمره.
يقال: (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، ومنه الحديث: "أريد من قريش كلمة تدين لهم بها العرب" أي تطيعهم وتخضع لهم.
ومعنى الدين في الشرع وفي استخدام القرآن للفظة الدين، لا يخرج عن المعنى اللغوي.
فمن ذلك قول الله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [يوسف:40].
فدين الله هنا هو الخضوع له والانقياد لحكمه وأمره ونهيه.
وقوله تعالى: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّه) [يوسف:76].
وقوله تعالى عن فرعون: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) [غافر:26].
فكلمة دينكم تعني ملتكم وتعني كذلك نظامكم وقوانينكم وتقاليدكم التي تسيرون عليها في الدولة.
فدين الملك سياسته وقانونه وشريعته ونظامه.
وقول الله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة:4]. يوم الجزاء والحساب والمكافأة.
وبعد هذا نقول: من اتخذ الديمقراطية أو الاشتراكية أو أي نظام أو فكر غير الإسلام عقيدة يعتقدها ونظاماً يلتزمه وسلطة يخضع لها وينطلق عن أمرها ونهيها فقد دان بدين غير دين الإسلام، ورضي عقيدة غير عقيدة الإسلام.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني