الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تتمنى أن تبتغي مرضاة الله كصويحباتها وتخاف ألا تكون مخلصة

السؤال

كنت فتاة أحسب نفسي ملتزمة ولي من صديقات الطاعة الكثير، ولكنني لأسباب قد اتبعت خطوات الشيطان وتركت الالتزام وانقطعت إجباريا عن صحبتي, وبعد فترة اجتمعت بهن مرة أخرى, فوجدتهن ـ بسبب التزامهن ـ في أحوال كل يوم أفضل مما قبله، أو هكذا بدا لي فواحدة مرتاحة البال مطمئنة القلب, وأخرى خطبت لشاب صالح يتقي الله فيها ويكرمها, وثالثة تتقدم في دراستها وتتفوق وتتميز وتجمع بين العلم والأدب والدين, فاشتاقت نفسي لأن أكون مثلهن أتقدم ولا أتأخر, فابتدأت في العودة إلى الصلاة والقرآن بفضل الله عز وجل ولكنني لا أدري هل العودة صادقة حقا وابتغاء لمرضاة الله عز وجل؟ أم أنني أبتغي بها عرضا من الحياة الدنيا كما وصفت لكم؟ وغير المخلص أعلم أن عمله كالهباء المنثور، فكيف أعلم هل عملي خالص أم لا؟ وكذلك عندما أرى الأولاد الحافظين لكتاب الله يتميزون في علوم الآخرة ـ أي القرآن الكريم ـ وأيضا يكرمهم الله وأجدهم هم الأوائل في مدارسهم فأشجع أخي على الحفظ ليكون مثلهم غيرة مني فما أدري هل شجعته على الحفظ للقرآن وفضله؟ أم لتفوق الدنيا؟ وهذا السبب الأخير أعتقد أن الله لن يقبله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله على عودتك للالتزام والصلاة وقراءة القرآن وهذا وحده أمر عظيم جدا يكفيك للفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة ولو لم تحصلي على شيء آخر غيره، وحاولي أن تجاهدي نيتك على الإخلاص لله وحده وابتغاء رضوانه من وراء أعمالك كلها واحذري من وسوسات الشيطان وإيحائاته من أن نيتك الدنيا وأعراضها فهو لا يريد إلا أن يهلكك ويرجعك إلى الانتكاسة وترك الصلاة والقرآن، وليس بعيب على المسلم أن يطلب من الله أن ينعم عليه من خيري الدنيا والآخرة ولا أن يتمنى أن يهبه الله مثل ما وهب أصدقاءه وأقاربه أو أكثر منهم ما دام لا يحسدهم ولا يتمنى زوال النعمة عنهم، وما دام لا يعمل الصالحات بنية النفع الدنيوي فقط، أما أن يعمل الصالحات لله ويتمنى من الله الفضل العظيم والنفع العميم فهذا هو حال العبد مع ربه سبحانه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ {فاطر:15}.

وقال سبحانه: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا {النساء:32}.

والعمل الصالح أو حفظ القرآن أو طلب العلم وإن خالطته في البداية نية شائبة ففي الختام يتمحض لله بإذنه سبحانه مع المجاهدة وتحري الإخلاص، كما قال السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله.

وأما سؤالك عن كيفية معرفة أن عملك خالص أم لا: فهذا أمر لا يعرفه إلا الله سبحانه، لكن للعبد أمارات يستدل بها على إخلاص العمل ومنها أن يوفق لفعل الطاعة بعد الطاعة، فهذا من علامات القبول، فعليك بلزوم الطاعات وعدم التفريط فيها ولا حرج عليك في دفعك لأخيك ليحفظ القرآن مهما كانت نيتك، فإن الحث على الخير خير، والله سبحانه قادر على أن يحسن نية أخيك وينفع به الإسلام والمسلمين، وانظري فتوانا رقم: 101792.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني