السؤال
الحديث الشريف: (لا تسترضع الحمقاء فان الله يورث) ما هو إخراج هذا الحديث؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى هذا الحديث أبو داود في المراسيل عن زياد السهمي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُسترضع الحمقاء، فإن اللبن يُشبه.
ورواه البيهقي في سننه بنفس اللفظ، وقال بعده: هذا مرسل.
وقال ابن حجر في الإصابة: زياد السهمي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تُسترضع الحمقاء. ا.هـ.
وهذا الأثر ضعيف فضلاً عن إرساله، أما إرساله فمعلوم بما ذكر، وأما ضعفه فلأن في سنده مجهولين، وهما:
- زياد السهمي قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب: مجهول أرسل حديثاً - يقصد هذا الحديث - ويقال هو مولى عمرو بن العاص . ا.هـ.
وعلامة (مد) تعني أنه روى له أبو داود في المراسيل، ووصف الراوي بأنه مجهول عند ابن حجر في التقريب تعني أنه: لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثق. ا.هـ. من تقريب التهذيب.
وقال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال: قال ابن القطان : مجهول البتة. ا.هـ.
- هشام بن إسماعيل المكي ، قال عنه ابن حجر في تقريب التهذيب "مجهول من السابعة مد" ا.هـ.
وقد أورد الذهبي هذا الأثر في الميزان مقروناً بترجمتهما دليلاً على استنكاره إياه، لما وُصفا به من الجهالة.
لكن روى البيهقي في سننه بعض هذا الحديث عن عمر بن الخطاب موقوفاً عليه بلفظ: اللبن يُشْبهُ عليه.
وروى كذلك عن عمر بن عبد العزيز مقطوعاً بنفس اللفظ. فأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإسناده على شرط الإمام مسلم ، إلا أن فيه سفيان بن خالد الخثعمي ، لم يوثقه إلا ابن حبان ، وقل عنه الحافظ في التقريب (مقبول) وهذا يقتضي أن حديثه لا يبلغ درجة الصحة، لكنه لا ينزل عن درجة الحسن.
وأما حديث عمر بن عبد العزيز ، فإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وخلاصة ما سبق أن الحديث لم يصح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه ورد بإسناد حسن موقوفاً على عمر بن الخطاب وورد بإسناد صحيح موقوفاً على عمر بن عبد العزيز .
ولهذا فقد ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة ذلك، كالحنابلة والحنفية، وقد اعتمدوا في ذلك على ما جرت به العادة، وما تناقله الناس بالتجربة، واستدل بعضهم بالأحاديث السابقة، قال ابن قدامة في المغني: "ويكره الارتضاع بلبن الحمقاء، كيلا يشبهها الولد في الحمق، فإنه يقال: إن الرضاع يغير الطباع" ا.هـ.
وقال المرداوي في الإنصاف: و حكى القاضي في المجرد: أن من ارتضع من أمة حمقاء خرج الولد أحمق. ا.هـ.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ويُكره استئجار الحمقاء. ا.هـ.
وقال الصنعاني في سبل السلام: ووجه النهي أن للرضاع تأثيراً في الطباع فيختار من لا حماقة فيها ونحوها. ا.هـ.
ومعلوم بالضرورة أن المقصود بالمرضعة هنا غير الأم، لأنها حملت به، والحمل أبلغ من الرضاع.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني