الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعتقاد أن للسور خداما اعتقاد باطل لا دليل عليه

السؤال

نعلم أن صرف العبادة لغير الله شرك. هل ينطبق هذا على من يقرأ الأذكار أو السور بعدد معين ليحضر خدام هذه السورة فيخدموه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعتقاد أن للسور خداما إنما هو من عقائد المشعوذين ونحوهم، ولا أصل لهذا في الشرع البتة.

قال الحكمي رحمه الله: كلما شَعْوَذَ مُشَعْبِذٌ وَتَحَذْلَقَ مُتَحَذْلِقٌ وَأَرَادَ الدَّجَلَ عَلَى النَّاسِ وَالتَّحَيُّلَ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ, طَلَبَ السُّبُلَ إِلَى وَجْهِ تِلْكَ الْحِيلَةِ وَرَامَ لَهَا أَصْلًا تَرْجِعُ إِلَيْهِ, فَإِنْ وَجَدَ شُبْهَةً تُرَوِّجُ عَلَى ضُعَفَاءِ الْعُقُولِ وَأَعْمِيَاءِ الْبَصَائِرِ وَإِلَّا كَذَبَ لَهُمْ كَذِبًا مَحْضًا وَقَاسَمَهُمْ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَهُمْ لَمِنَ النَّاصِحِينَ, فَيُصَدِّقُونَهُ لِحُسْنِ ظَنِّهِمْ بِهِ. وَمِنْهُ أَسْمَاءٌ يَدَّعُونَهَا, تَارَةً يَدَّعُونَ أَنَّهَا أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ، وَتَارَةً يَزْعُمُونَ أَنَّهَا مِنْ أَسْمَاءِ الشَّيَاطِينِ, وَاعْتِقَادُهُمْ فِي هَذِهِ الْأَسْمَاءِ أَنَّهَا تَخْدِمُ هَذِهِ السُّورَةَ أَوْ هَذِهِ الْآيَةَ, أَوْ هَذَا الِاسْمَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى, فَيَقُولُونَ: يَا خُدَّامَ سُورَةِ كَذَا أَوْ آيَةِ كَذَا أَوِ اسْمِ كَذَا, يَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ ابْنَ فُلَانٍ أَجِيبُوا أَجِيبُوا, الْعَجَلَ الْعَجَلَ, وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَمَا مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا آيَةٍ مِنْهُ وَلَا اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ يَعْرِفُونَهُ إِلَّا وَقَدِ انْتَحَلُوا لَهُ خُدَّامًا وَدَعَوْهُمْ لَهُ, سَاءَ مَا يَفْتَرُونَ. وَتَارَةً يَكْتُبُونَ السُّورَةَ أَوِ الْآيَةَ وَيُكَرِّرُونَهَا مَرَّاتٍ عَدِيدَةً بِهَيْئَاتٍ مختلفة حتى إنهم يَجْعَلُونَ أَوَّلَهَا آخِرًا وَآخِرَهَا أَوَّلًا, وَأَوْسَطَهَا أَوَّلًا فِي مَوْضِعٍ وَآخِرًا فِي آخَرَ, وَتَارَةً يَكْتُبُونَهَا بِحُرُوفٍ مُقَطَّعَةٍ كُلُّ حَرْفٍ عَلَى حِدَتِهِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ لَهَا بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ خُصُوصِيَّةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا مِنَ الْهَيْئَاتِ, وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذُوهَا وَعَمَّنْ نَقَلُوهَا؟! مَا هِيَ إِلَّا وَسَاوِسُ شَيْطَانِيَّةٌ زَخْرَفُوهَا وَخُرَافَاتٌ مُضِلَّةٌ ألفوها وأكاذيب مختلقة لَفَّقُوهَا, لَمْ يُنَزِّلِ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ وَلَا يُعْرَفُ لَهَا أَصْلٌ فِي سُنَّةٍ وَلَا قُرْآنٍ, وَلَمْ تُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْإِيمَانِ. إِنْ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَاذِبُونَ أَفَّاكُونَ مُفْتَرُونَ, وَسَيُجْزُونَ عَلَى ما كانوا يعملون. انتهى.

فإذا علمت أن هذا الاعتقاد من العقائد الباطلة، فاعلم كذلك أن الاستعانة بالجن ولو في أمر مباح مما لا يقره الشرع ولا يأذن فيه البتة، إذ الجن من الغيب، والاستعانة على الغيب لا تكون إلا بالله تعالى، ولمزيد تفصيل انظر الفتوى رقم: 118845.

وبهذا يتبين لك بوضوح أن قراءة سور معينة بقصد حضور الجن لاستخدامهم أمر محرم لا يجوز تعاطيه ولا الإقدام عليه، وإذا انضاف إلى ذلك قصد التقرب إلى الجن بقراءة أو ذبح أو نذر أو غير ذلك من العبادات كان ذلك شركا والعياذ بالله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني