السؤال
أنا شاب من الجزائر أبلغ 35 سنة متزوج ولي ولدان وعندي مسائل أود أن أستفتيكم فيهن وأطلب منكم النصيحة بارك الله فيكم:
في 1996م توفي أبي ـ رحمه الله ـ وترك لنا إرثا قليلا يتمثل في قليل من المال ورؤوس من البقر ـ حوالي 4 أو خمسة رؤوس ـ ورؤوس من المعز ـ حوالي 25 إلى 30 رأسا ـ ونحن إخوة أشقاء 7 ـ4 ذكور و3 نساء ـ و3 من امرأة أخرى ـ2 ذكور وامرأة ـ وبعد الوفاة جاء أخي الكبير ـ غير شقيق ـ وأراد أن يأخذ شيئا من الإرث له ولإخوته الأشقاء ـ امرأة ورجل ـ بتقييمه فقط لا بقسمة حقيقية فأبى أخي الكبير الشقيق وقال له أنتم ليس لكم حق في الإرث إنكم كبار متزوجون ومستقلون منذ مدة، فحدث بينهما سوء تفاهم فضربه وطرده ومند ذلك الوقت لم يعد ولم يطالب بحقه لا هو ولا أخوه ولا أخته لكنهم ينظرون إلينا كأننا اغتصبنا حقهم، بالنسبة لنا نحن الإخوة الأشقاء غير متزوجين أنذاك و3 نساء 2 متزوجات وواحدة مطلقة، بقينا في بيت أبينا المكون من بيوت من الطين والقصدير، والمتزوجات عند أزواجهن، وبقي معنا ذلك الإرث من رؤوس البقر والمعز سنين فبعنا منه كثيرا وذبحنا واستفدنا خاصة أخي الكبير الذي أخذ الشيء الكثير غصبا فباع كل رؤوس المعز منذ حوالي 3سنوات وبعت أنا مند سنة كل رؤوس البقر لأضع حدا لهذا الإرث الذي لم ينته إطلاقا وبعتهم بحوالي 250000 دينار فأخد منها أخي ذاك 100000 دينار غصبا والباقي أحتفظ به لعلي أجد حلا مع إخوتي غير الأشقاء فأعطيه إياهم لكن حتى الآن لم أجد حلا لهذه المعضلة فلجأت إليكم بعد الله عز وجل لعلكم تشيرون علي أو تساعدونني في إيجاد حل لهذا الإرث الذي بقي عندنا سنين 1996- 2011 م . فما هو الحل لاستغلالنا هذا الإرث طول هذه المدة؟ كما أرجو منكم أن تساعدوني بحلول لعل كل الأطراف ترضى وتتسامح، وبارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يتركه الميت من المال بعده، أيا كان عدده ونوعه، فإنه يقسم على الورثة المستحقين له على نحو ما بين الله تعالى، ولا يحل حجب أحد من الورثة لكونه كبيرا، أو متزوجا، أوغير ذلك، فتوريث البعض وحرمان البعض فعل جاهلي جاء الإسلام بهدمه.
وعلى هذا؛ فما ارتكبتموه من حرمان إخوتكم والتعدي على حقهم، وما قابلهم به أخوك الأكبر من ضرب أخيهم وطرده عند إرادته أخذ حقهم الثابت بكتاب الله تعالى، كل هذا ذنب عظيم تجب منه التوبة إلى الله، والاستغفار إليه، واستحلالهم مما حصل من ظلمهم، والإساءة إليهم، ورد حقهم المغصوب إليهم.
أما ما يتعلق بهذا المال فكيفية تقسيمه في الأصل ـ إذا لم يكن ثمت وارث غير من ذكر ـ أن يجعل ستة عشر سهما عدد رؤوس الورثة، وبيان ذلك أن يضاعف عدد الذكور والذين هم ستة، فيكون 12، فيضاف إلى الإناث الأربعة فيكون المجموع 16، لكل رجل منكم سهمان، ولكل امرأة سهم، أي للذكر منكم مثل حظ أنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}.
قال خليل في تأصيل هذه المسألة: وما لا فرض فيها فأصلها عدد عصبتها وضعف للذكر على الأنثى.
وأما عن كيفية إعادة حق هؤلاء إليهم فهي: أن يُعرف مقدار مال التركة بالتحديد ـ بما في ذلك البيت ـ يوم مات الميت فيقسم فرضا على نحو ما بينا، فيعرف نصيب كل واحد على حدة، ثم يُتتبع المال ويُتقصى، وكل من تبين من الورثة أنه أخذ من المال أكثر من حقه، أخذ منه الزائد إن كان قائما ليدفع لمن هو له، وإن كان قد استهلكه فهو دين في ذمته، فيضمن الأخ مثلا ما ذبح من هذه الغنم بقيمته يوم الأخذ، لأنه شريك تصرف في نصيب غيره دون إذن فهو غاصب، كما يجب أن تضمن غلة الماشية من ألبان وغيرها، ومنافع الدار من السكن والإيجار، وغير ذلك من غلات الميراث، كله يحدد إن أمكن وإلا يتحرى في قدره، ثم تجري عليه القسمة على النحو السابق، وقد بينا بالتفصيل ضمان الغاصب للغلة في الفتوى رقم: 104066، فراجعها.
ومن كان من الورثة قد اتجر في شيء من مال التركة فإن حصل فيه تلف فهو ضامن لما تلف منه أيضا، وإذا نتج عن تصرفه ربح ففي كيفية التعامل معه خلاف بسطناه في الفتوى رقم: 62449.
ثم إننا ننبهك إلى مسائل الخصام والمنازعة لا يكفي فيها الفتوى عن بعد، بل ترفع إلى قاضي المسلمين، ليفصل فيها وليسمع من جميع الأطراف وليتولى قسمة المال، ويجبر من أبى من الورثة عن أن يرضخ لحكم الله، ولينصف منه.
والله أعلم.