السؤال
سؤالي هو: حلفت بالله - بيني وبين نفسي - ألَّا أحلق لحيتي, وأن أتركها نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فهل يكون عليَّ وزر لو رجعت عن هذا اليمين؟
وإن تركتها فما موجبات ترك اللحية؟
وهل يجوز التهذيب أم لا؟
وهل أحلقها أم لا فيما إذا نفرت مني زوجتي؟
في انتظار الرد - بارك الله لكم -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوفير اللحية واجب, وحلقها حرام عند جماهير أهل العلم، ومن حلف على تركها وعدم حلقها فلا يجوز له أن يحنث في يمينه؛ لأن هذا الأمر واجب أصلاً كما قدمنا، والحالف أكَّد وجوبه بيمينه، فإذا حلقها بعد فإنه يقع في الإثم؛ لارتكابه لما حرم الله تعالى, بالإضافة إلى الحنث في هذا النوع من الأيمان، وهو أن يحلف الإنسان على فعل واجب أو ترك محرم، فيحنث في يمينه فيترك الواجب أو يفعل المحرم، وعليه أيضًا كفارة يمين, وتجب عليه التوبة النصوح, ولا تسقِط التوبة عنه الكفارة، وانظر فتوانا رقم 59680, ورقم 13349.
وأما قولك " حلفت بالله مع نفسي " فإن كان في النفس دون الكلام والنطق به فلا يعد هذا يمينًا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " قال قتادة: إذا طلق في نفسه فليس بشيء. رواه البخاري, وأما إن كنت تقصد مع نفسك منفردًا عن الناس لكنك تلفظت بذلك فهذا يمين منعقد, إذا أخللت به فعليك الكفارة.
هذا وقد رخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة من اللحية لفعل ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما، وإن كان الأولى تركها كما هي, إلا إذا كانت طويلة طولاً فاحشاً أو عريضة عرضاً فاحشاً خارجاً عن الطور المعهود مشوهاً للخلقة فقد رخص بعضهم أيضاً في الأخذ منها حتى تعود إلى طور الاعتدال، قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: (وقد روى ابن القاسم عن مالك: لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ، قيل لمالك: فإذا طالت جداً؟ قال: أرى أن يؤخذ منها) وأما ما يفعله كثير من الناس في هذا الزمان مما يسمونه تهذيباً فهو في واقع الأمر إنهاك لها مصادم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وإسبالها, وقد قال جل وعلا: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63} وانظر فتوانا رقم 3851.
أما أن يحلق المسلم لحيته إرضاء لزوجة أو غيرها, فإن ذلك لا يجوز، فعن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل" رواه أحمد, وانظر فتوانا رقم 170863.
والله أعلم.