الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صدق في مجاهدة نفسه على ترك المعصية أعانه الله

السؤال

كنت قديمًا أحلق لحيتي؛ لأنني أرى في نفسي إنسانًا عاصيًا, ولا أستحق أن أكون بمظهر السنة، حتى هداني الله لمعرفة أن هذا من حيل الشيطان، وبعدما تعمقت في حكم حلق اللحية ما عدت أحلق شيئًا منها, وأصبحت محبًا للسنة بشكل كبير جدًّا، ومحبًا للعلم الشرعي, وأحاول الاستزادة منه قدر الإمكان, على الرغم من ضغوط العمل والحياة الاجتماعية، ولكن الإشكال الحالي هو: أنني أقع في بعض الذنوب وأعود إليها مرات كثيرة جدًّا، وحتى بعد أن اعتمرت لازلت أعود لبعض الذنوب أحيانًا، ولا داعي لذكرها لقبحها, وللستر على النفس، ولكن هذا الشعور يجعلني أشعر بأنني منافق, فكل الناس تظن بي خيرًا, ويطلبون مني الرقية الشرعية لمن به مسٌّ أو سحر, وكان فضل الله عليَّ في هذا الباب عظيمًا؛ حيث شفى الله على يدي – بفضله - أكثر من حالة، ولكن الحقيقة التي أعلمها ولا يعلمها الناس أنني شر الخلق إن لم يعفُ عني ربي, فهل أنا من أهل النفاق؟
أتمنى منكم تقديم نصيحة طيبة لي، بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم - هداك الله وعفا عنك - أن لا أحد من البشر يسلم من الذنوب، وإنما الشأن كل الشأن في تدارك هذه الذنوب بتوبة نصوح، فعليك أن ترجع إلى ربك, وأن تحسن ظنك به, وأن تجاهد نفسك على ترك هذه الذنوب, واعلم أنك متى صدقت في المجاهدة فإن الله تعالى سيوفقك ويعينك, كما قال جل اسمه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}، فإن عدت إلى ذنب بعد التوبة منه فلا تيأس من روح الله, ولا تقنط من رحمة الله, بل تب وعد إلى ربك مهما تكرر منك الذنب, واعلم أنه سبحانه غفور رحيم لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، وانظر الفتوى رقم: 134323, واجمع في طريق سيرك إلى ربك بين الخوف والرجاء، فكن خائفًا وجلاً مشفقًا من ذنوبك، ولا يحملك هذا الخوف على القنوط واليأس بل يبقى قلبك معلقًا بالله راجيًا فضله ورحمته، وانظر الفتوى رقم: 184611.

وأما النفاق: فما خافه إلا مؤمن, ولا أمنه إلا منافق - كما قال بعض السلف - فخوفك أن تكون من أهل النفاق علامة خير، ونسأل الله ألا تكون منهم، ولكن عليك أن تتبع هذا الخوف بعمل جاد, واجتهاد في التوبة, وإكثار من العمل الصالح, وبذل للوسع في مرضات الله تعالى، نسأل الله أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني