الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سب دين النصارى.. الجائز والممنوع

السؤال

أنا في كرب لا يعلمه إلا الله وحده، وأعاني من الوسواس القهري منذ زمن طويل، وأعاني والحمد الله على كل حال، ومشكلتي يا شيخ أنني أريد أن أسأل عمن يتحرج أو يجد حرجا عندما يجد في نفسه سبا للديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية، ومعتقداتهم الباطلة أي مجرد كلام نفسي. أنا أعلم أنهم على باطل وتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، ولكن لا شأن لي بهم ولا أريد سبهم.
فهل علي حرج إن امتنعت عن سبهم، فالوسواس أوقعني في حيرة يقول لي: لماذا تخاف أن تسبهم؟ وأرد عليه: أعلم أنهم كفار، وكل من دان بغير الإسلام فهو كافر، ولكن لا شأن لي بهم. هذا كل ما في الأمر.
فهل يا شيخ سب الديانات الوثنية المحرفة وعقائدهم واجب على المسلم؟ علما أن ما يحدث لي بيني وبين نفسي فقط
فادعو لي يا شيخ أن يتوفاني الله على المحجة البيضاء، ويرزقنا علما نافعا ينفعنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دام المسلم معتقدا بطلان دينهم، وأنهم كفار ولا يقبل منهم غير دين الإسلام، فهذا كاف، ولا يجب على المسلم أن يسب أحداً ولا أن يسب دينه، هذا من حيث الوجوب. أما من حيث الجواز فإن في ذلك تفصيلا، فإن كان القصد بدين النصارى الدين الذي جاء به عيسى عليه السلام، فإن ذلك لا يجوز، بل هو كفر، ولا يجوز سب أي دين من الأديان التي جاء بها الأنبياء السابقون، فالدين الذي جاء به الأنبياء جمعيا واحد، والمسلمون يؤمنون بجميع الأنبياء؛ كما قال تعالى: آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ {البقرة: 185}.

أما إن كان القصد بالدين ما أحدثه النصارى من التحريف والتبديل، والشرك، والخزعبلات، فهذا لا مانع من سبه، ووصف أصحابه بالشرك والكفر، ما لم يؤد ذلك إلى سب ديننا، فقد قال الله عز وجل: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ {المائدة: 73}.

وانظر فتوانا رقم: 125955.

ونسأل الله لنا ولك السداد وحسن الخاتمة، وأن يتوفانا على الصراط المستقيم الذي يرضي الله عنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني