الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توصيات لإعادة مياه الحياة الزوجية لمجاريها

السؤال

ذهبت زوجتي إلى بيتهم بعد خلاف, وظلت في بيتهم سنة تقريبًا, وكان أهلها لا يوافقون على إرجاعها, ويؤثرون عليها, وأنا كنت متمسكًا بها لما كنت أحب فيها من التزام وطاعة لله, بالرغم من كثرة اختلافاتنا, فأرجعوها لي, ولكني صعقت عندما اكتشفت أنها تستخدم الفيس بوك في مجموعات مختلطة - شباب وبنات - وما فاجأني أنها وصلتها رسالة حب من أحد الشباب وهي عندي, فواجهتها وحلفت أنها ليست لها وإنما لأختها؛ لأن الاسم المستعار ليس لها, مع العلم أنها اعترفت أنها خرجت مع أختها في إحدى المرات إلى السوق واتصل بأختها هذا الشاب, وأتى لرؤية أختها وهي موجودة بجانبها, ولكنهما لم يكلماه, واعترفت أيضًا بعد ضغوط مني أنها أرسلت مرتين لهذ الشاب: إحداها وهي في بيتهم "وحشتونا", والأخرى بعد ما أرجعتها قالت له: "أهلاً", وحلفت أيمانًا مغلظة على ذلك, وأن أختها أيضًا استخدمت هاتفها مرتين للاتصال بهذا الشاب, وحلفت بذلك على المصحف, وأيضًا أختها اتصلت علي وحلفت على هذا كله, وأنه كان منها ومن أختها من باب السخرية, ووصلتها رسالة سلام من شاب اتضح أنه باحث في الفقه الإسلامي, وهي حلفت أن نقاشهما لم يخرج عن نطاق الأدب, ولكني علمت أنها كلمته عن مشكلتنا, وأنها كانت منهارة, وأنه كان يقول لها: إنه أخ صادق وبريء وما إلى ذلك, وهي تعلم أني غيور, ولم تحترم ذلك, وقد استفتيت وأفتوني أنها إن كانت أول مرة فعلي أن أسامحها وألا أطلقها, وأن أحاول أن أجنبها تلك الأشياء, وهذا ما حصل بالفعل, وهي حلفت أيمانًا مغلظة أنها لن تفعل أي شيء من هذا مجددًا, ولن تستخدم الإنترنت بشكل عام, وعاهدت الله وعاهدتني على ذلك.
المشكلة أني لا أشك في نيتها بالنسبة للمستقبل, ولكني أشك كثيرًا هل قالت حقيقة ما حدث أم أنها أخفت أشياء, أو كذبت, وذلك لوجود بعض التناقضات والأيمان التي غيرت كلامها بعدها, وهذا يؤرقني كثيرًا, وأيضًا لم أستطع مسامحتها إلى الآن, وأتعب كثيرًا, بالرغم من ذكري الدائم لله, ودعاء المصيبة والكرب الذي أوصوني به, علمًا أن هذا قبل شهر تقريبًا, ومنذ أسبوع بدأت زوجتي تتضايق من كثرة أسئلتي, وتكذيبي لها, ولأنها تعاونت معي أول ثلاثة أيام فقط, ومن ثم بدأت تقول: أنا لم أغلط, أنا لم أكن عندك, وبدأت تتضايق جدًّا, وتقول: سأذهب بيتنا؛ وذلك لأني أتدخل في أمور لبسها الجلباب, ومنعتها أن تلبس تحته عباية فيها أشياء لامعة, وهي لم تقدر ما أمرُّ به هذه الأيام من ضيق؛ فأنا كنت أثق فيها أكثر من نفسي - والله العالم - وأنا متضايق منها ومن نفسي.
أرجو الإفادة لي ولزوجتي كيف يتعامل كل منا مع الآخر؟
جزاكم الله خيرًا, والعفو على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فينبغي أن يعلم أولاً أنه قلما تخلو الحياة الزوجية من مشاكل، ولكن المطلوب تحري الحكمة من قبل الزوجين في حلها, ولا ينبغي للزوجة أن تجعل ذهابها إلى أهلها سبيلاً للحل، بل لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها بغير إذنه إلا لعذر شرعي، فإن هذا يوقعها في الإثم والنشوز, ويمكن مطالعة الفتوى رقم: 183131, ومعرفة كل من الزوجين لما عليه من واجبات تجاه الآخر، وقيامه بها على الوجه الأكمل من أهم أسباب الاستقرار في الحياة الزوجية، ولمعرفة هذه الحقوق راجع الفتوى رقم: 27662, هذا أولاً.

ثانيًا: أن الأصل في المسلم السلامة وبراءة ذمته، فلا يجوز اتهامه بما يشين من غير بينة، ويتأكد مثل هذا في حق الزوجين، وسبق لنا بيان ذلك بالفتوى رقم: 135648, وإذا ثبت أنها قد وقعت في شيء من المخالفات الشرعية، وتابت من ذلك وأنابت فلا تلتفت إلى ما مضى, بل اعتبر بحالها الآن, وعاملها على هذا الأساس.

والوقوف عند خواطر الماضي من كيد الشيطان ليدخل به الحزن على قلبك, وينكد عليك حياتك, ويفسد ما بينك وبين زوجتك، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واجتهد في التشاغل عن وساوسه، وتسلى بالنظر إلى ما ترى من أمور حسنة في زوجتك, ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر". رواه الإمام مسلم , قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خلقًا يكره وجد فيها خلقًا مرضيًا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها ديّنة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. اهـ.

ثالثًا: احرص على تعليم زوجتك أمر دينها, وكن قدوة لها في الخير، واعمل على كل ما فيه صيانتها من الفتن وأسبابها، ومن ذلك لبس الحجاب بالمواصفات الشرعية التي بيناها بالفتوى رقم: 6745, ويجب عليها طاعتك في ذلك، فطاعة الزوجة زوجها في المعروف واجبة، وانظر الفتوى رقم: 1780.

رابعًا: الطلاق وإن كان مكروهًا لغير حاجة، وربما يكون محرمًا أحيانًا، إلا أنه يبقى أحد الحلول، وتكون المصلحة في المصير إليه إذا استحالت العشرة، ووصل الأمر بين الزوجين إلى حال يتنافى ومقاصد الشرع من الزواج, قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 48538.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني