الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يجوَّز الصغائر على الأنبياء

السؤال

هذا جزء من فتوى لابن تيمية: ( فهؤلاء وأمثالهم من الغلاة القائلين بالعصمة، وقد يُكفِّرون من ينكر القول بها، وهؤلاء الغالية هم كفار باتفاق المسلمين، فمن كفر القائلين بتجويز الصغائر عليهم كان مضاهيًا لهؤلاء الإسماعيلية، والنصيرية، والرافضة، والاثني عشرية، ليس هو قول أحد من أصحاب أبي حنيفة، ولا مالك، ولا الشافعي، ولا المتكلمين ـ المنتسبين إلى السنة المشهورين ـ كأصحاب أبي محمد عبد اللّه بن سعيد بن كُلاب، وأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، وأبي عبد اللّه محمد بن كَرَّام [‏هو أبو عبد الله محمد بن كَرَّام السجستاني، شيخ الكَرّامية، ساقط الحديث على بدعه، كان يكثر عن الكذابين، قال عنه ابن حبان‏:‏ خذل حتى أخذ من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها‏]، وغير هؤلاء، ولا أئمة التفسير ولا الحديث، ولا التصوف‏.‏ ليس التكفير بهذه المسألة قول هؤلاء، فالمكفر بمثل ذلك يستتاب، فإن تاب وإلا عوقب على ذلك عقوبة تردعه وأمثاله عن مثل هذا، إلا أن يظهر منه ما يقتضي كفره وزندقته، فيكون حكمه حكم أمثاله‏.‏ وكذلك المُفَسِّق بمثل هذا القول يجب أن يُعَزَّر بعد إقامة الحجة عليه، فإن هذا تفسيق لجمهور أئمة الإسلام‏.‏ وأما التصويب والتخطئة في ذلك، فهو من كلام العلماء الحافظين من علماء المسلمين المنتسبين إلى السنة والجماعة، وتفصيل القول في ذلك يحتاج إلى بسط طويل لا تحتمله هذه الفتوى، واللّه أعلم )
هل يمكن تفسير هذه الفتوى ؟ كيف وقد قرأت لكم فتوى تطلبون فيها من شخص كان يقول بهذا القول ( وهو تكفير من لم ينزه الرسول عن الصغائر ) أن يتوب عن ذلك ولكنكم لم تكفرونه ؟
وما حكم من يقول بكفر من يجوز ارتكاب الكبائر على الرسل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمعنى فتوى شيخ الإسلام واضح، فالأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر، فقد يقع أحدهم في صغيرة ولكن الله تعالى يوفقه للتوبة، وقد سبق لنا بيان ذلك في عدة فتاوى، منها هاتان الفتويان: 6901، 29447.

ثم إن شيخ الإسلام إنما حكم بكفر غلاة الرافضة والإسماعيلية، فقد قال قبل الكلام الذي نقله السائل: أول من نقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقا وأعظمهم قولا لذلك: الرافضة، فإنهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل. وينقلون ذلك إلى من يعتقدون إمامته، وقالوا بعصمة علي، والاثني عشر. ثم الإسماعيلية .. كانوا هم وأتباعهم يقولون بمثل هذه العصمة لأئمتهم ونحوهم مع كونهم كما قال فيهم أبو حامد الغزالي - في كتابه الذي صنفه في الرد عليهم - قال: ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض .. اهـ.
وأما غيرهم ممن يكفر من جوَّز الصغائر على الأنبياء، فلم يحكم بكفرهم مطلقا، بل قال: فمن كفر القائلين بتجويز الصغائر عليهم كان مضاهيا لهؤلاء ... فالمكفر بمثل ذلك يستتاب، فإن تاب وإلا عوقب على ذلك عقوبة تردعه وأمثاله عن مثل هذا، إلا أن يظهر منه ما يقتضي كفره وزندقته فيكون حكمه حكم أمثاله. اهـ.

فلم يكفره إلا إن ظهر منه ما يقتضي كفره وزندقته !! فتأمل.

ثم إننا نكرر ما سبق أن ذكرناه للأخ السائل من البعد عن الوسوسة في مسائل الكفر ونحوها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني