السؤال
هل الإنسان مسير أم مخير في الزواج واختيار الزوج الصالح؟ مثلاً: إن تقدم لي شخص غير كامل المواصفات للزوج الصالح، كالمحافظة على الصلاة، والتمسك بالمبادئ الإسلامية، والمعاملة الحسنة. فهل أوافق عليه خوفاً من تأخر الزواج، على أمل أن يتحسن في يوم ما، أو كما يقولون: "عسى الله أن يهديه"؟ وهل أبني حياتي على احتمالات أو مغامرة مع هذا الشخص، أم أني أعارض بذلك ما كتبه الله لي؟ وهل من حقي شرعاً -كما ينص القرآن- أن أصبر وأنتظر الزوج الصالح بعقلي وقلبي معاً، أو أن أتزوج من يرضونه أهلي خوفاً من أن أبقي عانسة؟ وكما تعلمون فإن الزواج حصن المرأة المسلمة وسترها. ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإنسان مسير ومخير معاً، فهو مسير، لأنه لا يخرج بشيء من أعماله عن قدرة الله تعالى وإرادته، كما قال الله: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29].
وهو مخير، لأن الله أعطاه قدرة وإرادة وأدوات يعرف بها الخير من الشر، والضار من النافع، وما يلائمه وما لا يلائمه، كما قال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:7-10].
وعلى هذا نقول للأخت السائلة: ادفعي القدر الضار بالقدر النافع، وادفعي العنوسة بالزواج، لكن لا يحملنك ذلك على الزواج من رجل ضعيف الدين فاسد الخلق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فمدار قبول الزوج ورفضه ينبني على الدين والخلق في المقام الأول، ثم يأتي بعد ذلك بقية العوامل الأخرى كالنسب والمال والجمال.
وننبه الأخت إلى أن من أكبر أسباب مشكلات الزواج التسرع من الزوج أو الزوجة دون بحث وترو، فالحذر الحذر من الاختيار السريع، فإنه يؤدي إلى أسوأ العواقب، إلا إن يشاء الله، وإذا علم الله صدق هذه الفتاة في الاقتران بالرجل المؤمن الصالح، يسر ذلك لها وقدره، وهو على كل شيء قدير.
والله أعلم.