الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز الإصرار على الحمل إذا كان فيه ضرر على المرأة

السؤال

أنا متزوج من امرأة مريضة بمرض الذئبة الحمراء, وهو مرض في نقص المناعة, وأتاها المرض وهي حامل بابنتها الرابعة, وكان هناك خطر على حياتها, ولكنها ولدت - ولله الحمد – بالسلامة , وحذرني الأطباء من حملها مرة أخرى, لكنها تريد الحمل, ومكثت سنتين وحملت بابنتها الخامسة, وواجهت صعوبات كثيرة أثناء الحمل, وولدت في الشهر السابع؛ لأن حالتها لا تحتمل, وحذرني الأطباء من حملها, بل وطلبوا مني أن أزيل رحمها, ولكني رفضت, والآن وبعد أن أكملت ابنتنا سنتين, تريد الحمل فحملت, وواجهت صعوبة أكبر وولدت قبل دخول السابع بأيام, والطفلة ولدت وبها تشوهات في القلب, وجلطة دماغية, وقد أجريت لها عملية ونجحت - ولله الحمد -, ووالدتها تعبت جدًّا, وأتاها نزيف حاد في الرئة, وأحببت أن أوضح أني متزوج من أخرى ولدي منها طفلان, وسؤالي: هل موافقتي لزوجتي بالحمل يجعلني مذنبًا أمام الله لعلمي بحالتها الصحية؟ ولكن رغبتها تجعلني أوافق, كما أني أخاف من أن أحاسب على إيقاف الإنجاب, وهل على زوجتي ذنب بسبب أنها تدرك حالتها الصحية تمامًا, ومع ذلك ترغب في زيادة عدد أطفالها؟
شكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول أولًا: إن من المعلوم أن الغالب أن المرأة عند الحمل أو الولادة تعتريها آلام, وتتضرر بعض الشيء بذلك؛ ولذا قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}، فهذا أمر طبيعي إذن, وقد يكون كلام الأطباء في حث المرأة على منع الإنجاب أحيانًا على سبيل الاحتياط, لا على سبيل الجزم, أو غلبة الظن بأن في ذلك خطرًا على حياتها, فإذا أصرت المرأة على الإنجاب والحالة هذه لم ترتكب بذلك مخالفة شرعية, ولم تكتسب إثمًا، بل تؤجر - بإذن الله - بحرصها على الإنجاب, وتكثير أمة النبي الأواب, ولا حرج على زوجها في مساعدته لها على الإنجاب، ويؤجر أيضًا - بإذن الله -.

وأما إذا أخبرها الأطباء الخبراء الموثوقون بأن في الحمل خطرًا عليها محققًا كان أم غالبًا، فلا يجوز لها المخالفة والإقدام على الإنجاب, ولا يجوز لزوجها إعانتها في ذلك, فإلحاق الضرر بالنفس ممنوع، قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: كل ما يكون فيه ضرر على البدن محرم, فإن بدن الإنسان عنده أمانة, لا يجوز أن يعرضه إلى شيء يضره فيه, وقد قال الله عز وجل: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا), وقال الله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ), وأوجب الله على المريض إذا كان يضره استعمال الماء أن يتيمم..... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني