الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

زوجتي وأم ابنتي ذات الست سنوات كانت تعيش معي هنا في قطر لستة شهور تقريبًا, وقبلها عاشت معي في السعودية مدة أربع سنوات تقريبًا, ولكنها منذ حوالي سنتين ونصف بيتت النية وحزمت أغراضها كي لا تعود معي إلى قطر, وسافرنا إلى مصر في إجازة الصيف, وفعلًا تركت المنزل وذهبت إلى بيت أبيها, ورفضت العودة معي, رغم محاولاتي الكثيرة والمستمرة لإقناعها بالعودة, والتي اتهمتني على إثرها بعدم الكرامة, وكانت حياتنا خلال السنوات الخمس تقريبًا التي قضيناها سويًا بها مشاكل تتعلق بعدم التوافق في أمور تتعلق بشكل كبير بالالتزام الديني, مثل حدود التعامل مع الأقارب من غير المحارم, والنقاب, ومشاهدة الأفلام, وطريقة تربية البنت, وكانت تحدث بيننا مشاكل بسبب هذه الأمور, وكانت أحيانًا يعلو صوتها, أو تتكلم بكلام مستفز, وتتصرف تصرفات مستفزة, كأن تترك البيت, أو تصر على مقابلة أحد ضيوفي - ابن خالي - الموجود في الحجرة الأخرى من المنزل, وأشياء أخرى, كأن تسبب لي الفضيحة بين الجيران أو الحضور؛ مما جعلني في مرات معدودة قليلة أخرج عن عقلي وشعوري وأضربها على وجهها, ولكن هذا لم يكن يحدث في معظم المرات, وفي معظم المرات كنت أبذل قصارى جهدي لأتحمل, وأكلمها أن تكف عن ذلك, أو أخرج من البيت وأذهب لمكان آخر, وفي أحد المرات ضربتني على وجهي أكثر من مرة, وأحيانًا أخرى كانت تلكمني على جسمي, وكنت أتحمل دون رد, وفي مرات قليلة جدًّا - تعد على أصابع اليد الواحدة خلال السنوات الخمس - ضربتها على وجهها أو كتفها, وأحيانًا أخرى تلفظت بألفاظ بها إساءة مثل: (واطية) - أكرمكم الله - وذلك بعد خروجي عن شعوري وخروجي عن طاقة التحمل, وكنت مع ذلك أندم على ضربها على وجهها, وأحيانًا أعتذر لها لعلمي بحرمة ذلك, ولكنها لفظاعة ما تفعل كانت تخرجني عن شعوري, وكنت أصالحها رغم ما كانت تفعله بي, ولم تنفع محاولاتي لعودتها للعيش معي في قطر, وسافرت وحدي, وظللت أحاول عبر الهاتف أن أكلمها وأقنعها, ولكنها طلبت مبلغًا من المال مقابل العودة, فرفضت المبدأ, وظللت أحاول, وعملت زيارة لوالدتي, وذهبنا للعمرة, واتصلت بها وطلبت منها أن تأتي معها لكنها أبت, وعندما عادت والدتي إلى مصر أرسلت معها نقودًا لتعطيها لهم -وذلك بعد مرور 6 شهور من المحاولات - وقامت والدتي بشراء بعض الهدايا لها ولابنتي, وقامت بالاتصال بأحد أقاربهم للحديث إليهم, وإحضار البنت لتراها والدتي وتعطيها الهدايا والنقود, لكنهم رفضوا, واستغلت زوجتي وجودي في الخارج وأخذت جميع محتويات شقة الزوجية, واشتكتني في المحكمة بأني أنا الذي أخذت جميع محتويات الشقة, وصدر ضدي حكم بالحبس ظلمًا, وحرمتني من ابنتي طوال هذه المدة, وتواصلت مع زملائي في العمل, وشهَّرت بي بالباطل, واتصلت بمديري, واكتشفت أنها كانت أثناء وجودها معي هنا بقطر قد أخذت صورة من عقد العمل الخاص بي دون علمي وقدمتها للمحكمة, ولكن شاء الله أن يبرئني من هذا الحكم, وذهب جيراني للشهادة بما رأوه من أنها هي التي أخذت ما في الشقة, واستمرت محاولاتي على مدى عامين ونصف تقريبًا, ووسَّطت الكثير من الناس, وذهبت والدتي إلى بيتهم وتمت إهانتها, وذهب أحد أئمة المساجد, وبعدها تمت إهانته لأنه قال الحق, واستمرت جميع المحاولات لرجوعها, وتحملت مرارة الغربة ومرارة الظلم, ومرارة منعي من رؤية ابنتي طول هذه الفترة والتشهير, وغير ذلك, وكنت أطلب منها العودة وأن نذهب للعمرة, ويستغفر كل منا عن خطاياه, ويحاول كل منا تعديل نفسه لإسعاد الآخر, واعترفت أني أخطأت أحيانًا, وأني لست ملَكًا, ووعدتها أن أسعدها لكن دون جدوى, ورفعت ضدي الكثير من القضايا, منها: الطلاق للضرر والتبديد اللذان برأني الله منهما, وحاولت إرسال نفقة لابنتي أكثر من مرة, وفي كل مرة كانت ترفض أخذها, وذهبت لبيتهم محملًا بالهدايا لابنتي, لكن أباها أهانني, ورفض أخذ أي هدايا, واشترط شروطًا تعجيزية, والآن وبعد سنتين ونصف تقريبًا تأتي لتقول لي: إن السبب الأساسي وراء كل ذلك هو أنها لم تكن تستمتع أثناء معاشرتي لها, وكانت تتألم, وكانت كل مرة تبكي بعدها بمفردها, ولكني في الحقيقة لم أكن ألاحظ ذلك, بل كنت أفعل ما تطلبه هي, وأجتهد لإرضائها في هذا الأمر, وأحيانًا كنت أسألها, والله أعلم بذلك, ومنذ أكثر من سنتين إلى الآن وهي ما زالت في بيت أهلها, وما زالت مصرة على الطلاق, وأن الموت أهون لها من عودتها لي, وأنها لن تعود لي ولو كنت آخر رجل في العالم, فما الحكم الشرعي؟ وما هي الحقوق الشرعية التي تستحقها والمترتبة على الطلاق المبني على ما سبق؟ ويعلم الله أني لا أريد أن أظلمها, ولم أمسكها ضرارًا.
أفيدونا, جزاكم الله خيرًا, وبارك فيكم, نفع الله بكم وبعلمكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت فإن زوجتك ظالمة لك, متعدية حدود الله, وهي ناشز لا تستحق نفقة - ما لم تكن حاملًا - ومن حقك أن تمتنع من طلاقها حتى تسقط لك حقوقها أو بعضها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8649, واعلم أن زوجتك - وإن كانت أساءت إليك إساءة بليغة - إلا أن ضربك لها على وجهها وسبها يعتبره بعض العلماء من الضرر الذي يبيح لها طلب الطلاق, وانظر الفتوى رقم: 160089.

وأما المنازعات التي تتعلق بالمنقولات أو الضرر الذي يثبت به حق التطليق, وحضانة البنت , ورؤيتها: كل ذلك مرده إلى المحكمة، لكن إن أمكن توسيط بعض العقلاء ليصلحوا, أو يتفقوا على الطلاق مع التراضي على إسقاط بعض الحقوق، كان ذلك أولى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني