الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب التخلص من الفوائد الربوية الزائدة عن أصل المال

السؤال

لدي رصيد في البنك منذ الصغر, وتضاعفت هذه الأموال, وأنا أريد أن أسحبها الآن؛ لأنني علمت أنها ربا, ولكن عمري 19سنة, وليس لي الحق في سحبها إلا إذا بلغت 21 سنة, فهل المال المتضاعف حتى أبلغ سن ال 21 محرم ويجب أن أتخلص منه؟ وماذا عن الفوائد؟ وهل من الممكن أن أصرف منها أم أنها حرام؟ وقد سألت إمام المسجد الذي أصلي فيه فأخبرني أنني طالما لا أملك التصرف في المال حتى ال 21 سنة, فالمال المتضاعف ليس محرمًا حينئذ, فأرجو أن تفيدوني؛ لأن هذا الموضوع يقلقني كثيرًا, وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه الوديعة يلزمك سحبها متى ما استطعت ذلك, وأما قبل استطاعتك فلا تأثم ببقائها, لكن الفوائد الربوية الزائدة على أصل الوديعة مال حرام يجب التخلص منه, وصرفه في مصالح المسلمين, ودفعه إلى الفقراء والمساكين, وليس لك أخذه والانتفاع به في خاصة نفسك, ما لم تكن فقيرًا محتاجًا إليه, فتأخذ بقدر حاجتك, قال النووي في المجموع: وإذا دفعه - المال الحرام - إلى الفقير لا يكون حرامًا على الفقير, بل يكون حلالًا طيبًا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضًا فقير. انتهى كلامه.

وكونك لا تستطيع سحب الوديعة فإن ذلك لا يبيح لك الفوائد الربوية, غير أن عدم استطاعتك سحب الوديعة يسقط عنك إثم استمرارها.

وأما الفوائد فتبقى محرمة كما لو ورثتها, قال ابن رشد الجد المالكي: وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام هذا هو الصحيح الذي ‏يوجبه النظر.

وقال ‏النووي في المجموع: من ورث مالًا ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ‏ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حرامًا وشك في قدره أخرج ‏قدر الحرام بالاجتهاد. انتهى. ‏

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب خلف مالًا وولدًا وهو يعلم ‏بحاله، فهل يكون حلالًا للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب: وأما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا ‏فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه - إن أمكن - وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن ‏القدر المشتبه يستحب تركه, وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ‏ذلك نصفين. انتهى.

هذا ولا ينبغي لمن أشكل عليه أمر من دينه أن يسأل عنه إلا من علم أنه من أهل العلم والورع, وعرف بين الناس أنه ممن يستفتى، وراجع الفتوى رقم: 176935.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني