الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يصح حكم الطلاق الصادر دون حضور الزوج أو علمه مع إمكان ذلك

السؤال

أنا سيدة متزوجة منذ 13 عامًا, ولي بنتان, ولكني تركت بيت زوجي منذ ثلاثة أعوام؛ نظرًا لسوء معاملته, وحرماني من حقوقي الشرعية لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر, وتصل للسنة, وخصامه لي قد يصل لثلاثة أشهر دون كلام ولا سلام, وإن دخل علينا رمضان أو العيد فلا يختلف الحال معه, ووصل الحال بأن أكلمه فلا يرد, وإن اقتربت منه أبعدني عنه, واستخدمت معه الكثير من الطرق لإصلاحه, ومنها النقاش, وأعلمته بما يفعله بي وببعده وإهماله, وتأثيره على بيتنا وأطفالنا, وكل ذلك دون جدوى, فابتعدت عنه ليحس بالفرق, لكن دون جدوى, وبكيت له مرارًا, واشتكيت له بعدَه عني وحبي له, وأنه بهذه الطريقة يعذبني لكن دون جدوى؛ حتى خرست تمامًا, وطول هذا الوقت كنت أدعو له, وكنت أعتبر أن هذا نصيبي من البلاء في الدنيا, وصبرت حتى زاد جفاؤه وبعده, وأصبحنا مثل الغرباء, وأصبح المنزل بالنسبة له نومًا وأكلًا وتليفزيونًا, فضاقت نفسي, وأحسست بالاحتياج, فطلبت منه الطلاق وتركت المنزل شهرين, وتصالحنا بعد وعد منه أنه لن يعود لأفعاله مرة أخرى, وسألته عن سبب ما كان يفعله تجاهي, واعترف بأنه كان متعمدًا ذلك, فهو - يا سيدي - يحب إذلالي, ومتعته من إحساسه بأني أحبه, وأتمنى وصاله, وهو مترفع أكبر بكثير عن ممارسة حياتنا الطبيعية معًا, وكنت أرى في عينيه سعادة لا توصف, وبريقًا من بُعدِه عني وأنا أتمناه, فكنت أتزين له وأجلس بجواره الساعات دون أن ينظر إليّ, فكنت أتركه والدموع بعيني, وهو سعيد؛ فقد بلغ مراده بإحساسه أني أحتاجه, ولكنه وعدني أنه لن يعيد الكرة, ورجعت لبيتي, وعاد لعادته بعد مرور شهر, بعد أن أحس بالأمان تجاهي, وأني عدت لطبيعتي معه, وقد تعبت كثيرًا, ومرت سنتان بين الحاجة والعذاب والحرمان, فلجأت للعادة السرية, وصارحته ذات يوم بما أوصلني له, فقال لي: لماذا تفعلين ذلك بنفسك؟ وكأني السبب, فطلبت منه الطلاق؛ فقد كرهته؛ لأنه أحوجني لما وصلت إليه, وأصبحت في الوقت الذي يأتيني فيه بحقي الشرعي كأني غير حية, ومن هنا – يا سيدي - بدأ طريق آخر من العذاب أنه غير مؤثر, وأنه ليس رجلًا, وبكى, وقال لي: إنه مات, وإنه ليس له ذنب, فكم يبلغ من العمر ليعيش هكذا, فقلت له: إنه السبب, ولكنه غير معترف, وأصبح الآن له حق شرعي عندي كل يوم, ويريد أن يكون مؤثرًا, وقد مرضت نفسيًا, وأصبح هذا الحق بالنسبة لي وكأنه جَلْد, وكنت أتشنج وهو غير مبالٍ؛ حتى تشجعت وطلبت منه أن يتوقف عن تعذيبي, وأني مريضة, وسأذهب للطبيب النفسي, ومرَّ عام على هذا, لا نعرف بعضنا, ولا أراه لمدة تصل لأربعة أيام, ولا نتحدث, ولا نأكل سويًا؛ حتى تركت البيت من حينها إلى الآن, وأنا أرفض الرجوع له منذ ثلاث سنوات, وإن ذكرت محاولات للرجوع أبكي بشدة, وأتذكر عذابي وأرفض أن يقترب مني, وتهيج أعصابي وكأني أريد قتله ليبتعد عني, وأبي يرفض تمامًا طلاقي منه, وحاولت معه كثيرًا, وحكمت عمي وأقاربي, ولكن أبي رافض تمامًا الطلاق, وآخر كلام له: إما أن أرجع له, وإما أن أظل هكذا إلى آخر عمري؛ لأنه لن يسمح لي بالزواج مرة أخرى, وعليّ أن أرمي له العيال - على حد قوله - ففكرت في اللجوء للمحكمة للفصل بيننا, ولكن إن علم أبي أني رفعت أي قضية سيضربني, كما فعل من قبل حين قلت له: إن هذا الوضع حرام, ففكرت في رفع قضية طلاق دون علم زوجي, ويتم هذا عن طريق رفع الدعوى دون وصول الدعوى للزوج فيتم الطلاق, فهل هذا الطلاق يقع شرعًا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق إذا صدر من المحكمة بغير حضور الزوج أو علمه رغم إمكان إعلامه هو طلاق باطل، وانظري الفتوى رقم: 65742.

أما رفع أمرك للمحكمة لطلب الطلاق للضرر: فذلك لا حرج فيه, ولا حق لوالدك في منعك من ذلك، وإذا حصل الطلاق الشرعي وانقضت عدتك فلا حق لوالدك في منعك من الزواج بمن تريدين ما دام كفؤًا لك.

ولكن الذي ننصحك به ألا تتعجلي في طلب الطلاق, وأن ترجعي لزوجك, وتعاشريه بالمعروف, فإن الطلاق لا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح.

وإذا استطاع الزوجان الإصلاح والمعاشرة بالمعروف - ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات, والتنازل عن بعض الحقوق - كان ذلك أولى من الفراق, وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني