الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل في المال المكتسب من العمل في البنك الربوي زكاة؟

السؤال

إذا كان مال الأب فيه شبهة الربا - يعمل في بنك ربوي ولا دخل له بمعاملات الربا - فهل يعدُّ مأكل الأولاد وملبسهم ونفقاتهم من هذا المال حرامًا؟ وهل تجوز الصدقة والعمرة والزكاة من هذا المال؟ أي: هل يحسب أجرها وتقبل من الأب والأولاد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعمل في البنوك الربوية لا يجوز، ولو كان العمل فيما لا علاقة له بالعاملات الربوية, كما بيناه في الفتوى: 4862.

وبناء عليه: فإن كان للأب مال حلال غير ما يكسبه من عمله في البنك الربوي ففي حكم جواز معاملته في ماله تفصيل بيناه في الفتوى رقم: 100428.

كما بينا حكم أخذ الأبناء من مال أبيهم إذا كان كل كسبه من العمل في البنوك الربوية, وذلك في الفتوى رقم: 113354.

وحيث جاز الأخذ من مال الأب لكونه مختلطًا أو بسبب فقر الآخذ جاز لمن أخذه التصدق منه, والحج, وغيره, وله أجر ذلك - سواء الأب أو الأبناء - قال النووي في المجموع: وإذا دفعه - المال الحرام - إلى الفقير لا يكون حرامًا على الفقير, بل يكون حلالًا طيبًا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضًا فقير. انتهى كلامه.

لكن المال الحرام لا تجب الزكاة فيه، لكونه غير مملوك لمن هو بيده, بل عليه التخلص منه,. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: المال الحرام - كالمأخوذ غصبًا أو سرقة أو رشوة أو ربا أو نحو ذلك - ليس مملوكًا لمن هو بيده, فلا تجب عليه زكاته؛ لأن الزكاة تمليك, وغير المالك لا يكون منه تمليك, ولأن الزكاة تطهر المزكي, وتطهر المال المزكى؛ لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا {التوبة:103} وقال صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صدقة من غلول. والمال الحرام كله خبيث لا يطهر, والواجب في المال الحرام رده إلى أصحابه - إن أمكن معرفتهم - وإلا وجب إخراجه كله عن ملكه على سبيل التخلص منه, لا على سبيل التصدق به, وهذا متفق عليه بين أصحاب المذاهب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني