الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اجتماع حكم من أهل الزوجين للنظر في الإصلاح بينهما

السؤال

سؤالي يخص ابنتي التي تزوجت منذ سنة, وأنجبت وليدها الأول, والمشكلة هي: أنه تقدم لابنتي شخص من طرف أخي - ابن صديقه - ووافقت ابنتي عليه, وكانت بالسنة الأخيرة من الكلية, وهو في السنة الأخيرة - حسب ما قال - وأراد إتمام الزواج قبل أن ينهي دراسته؛ منعًا من وقوعه في الخطأ أو ارتكاب المعصية, وتم عقد القِران في يونيو 2011, وأنهت ابنتي دراستها بتفوق - والحمد لله – وهو حدد موعد الزفاف - ولا زالت عليه سنة؛ لأنه رسب - وخلال فترة الاستعدادات والتجهيزات حصلت مشاكل كثيرة: أولها: رمي يمين الطلاق عليها, وكان يشتمها ويهينها, بل وصل للضرب, وعندما طلبنا من ابنتي أن تتركه خافت من كلمة مطلقة, وأصرَّت على الاستمرار معه, وتزوجا في آخر يناير 2012, وسكنت مع أهله, رغم أن المفترض أن يكون لها شقة مفروشة, لكنهم احتجوا بالعمال وإنهاء التشطيبات, وفي أول أسبوع - وهم مسافرون خارج البلد لقضاء شهر العسل كما يقولون - اتصلت بي أمه, وأبلغتني أن ابنتي مريضة, وأننا أخفينا ذلك عنهم, وأنها غير طبيعية, إلى غير ذلك من الكلام, فاتصلتُ بابنتي خوفًا عليها, وطلبت منها الرجوع لأني مشتاقة لها, ولأني مريضة, وكان هذا بالاتفاق مع أمه؛ لأنها تخاف على ابنها من ابنتي - حسب ما قالت لي - ورجعت الابنة, وجاء بها إلى منزلي مع والدته ومعها حقيبة ملابسها, وانهالت الألفاظ الجارحة والإهانات والاتهامات, ولم يعطوها فرصة للكلام, وبحضور خالها وضحت الصورة, فهو من كان يضربها ويهينها ويتركها بالفندق, ويخرج للأكل والفسحة, وكان أهله يتصلون به كل نصف ساعة ليعرفوا ماذا يفعلون وماذا يأكلون؟ وعند مواجهة خالها به وبوالده اعترف بما فعله, وظلّت عندي أسبوعين بالبيت على أنه سيطلقها, ولكنه رجع واعتذر, وأبلغنا أنه لن يسيء معاملتها مرة أخرى, وسافروا الإسكندرية, وظلُّوا هناك أسبوعًا في سعادة, وبعدها عادت الحياة كما كانت, فهي تعيش مع أهله بغرفته, وبعد مرور 4 شهور وأكثر تم فرش شقتها, وسكنت فيها, ولم يستمر الحال طويلًا, فقبل رمضان - وهي حامل - رمى عليها يمين الطلاق, ورجعت لنا من جديد, وظلَّت ما يقرب من شهر: لا مصروف, ولا سؤال, ولا أي شيء, وزعموا أن كل الخطأ منها, وأنها غير مرباة, وخلافه من الكلام الجارح, وطلب خالها منها عدم العودة إليه إلا إذا تعهد بأنه لن يسيء لها, وأن لا يتدخل أهله في حياتها, وعاشت ابنتي فترة كلها حزن على جنينها: هل سيخرج للدنيا بعيدًا عن أبيه أم ماذا سيحصل له؟! وبمنتصف شهر رمضان اتصل وتعهد أمام أخيها الكبير أنه لن يسيء لها, وأنهم سوف يعيشون في سعادة بعيدًا عن أهله, وبعد ثلاثة شهور رجعت المشاكل من جديد؛ لانتقال أهله إلى نفس العقار الذي يعيشون فيه, ووضعت ابنتي طفلها الأول قبل موعده, وبقى بالحضانة عدة أيام وخرج - بحمد الله - وظللت معها مدة 10أيام أرعاها, ثم أوصلنا والده إلى منزلي وهي معي؛ حتى أراعاها لكي تسترد صحتها فقد كانت متعبة بسبب العملية, وخلال هذه الفترة كان يجعلها تبكي يوميًا؛ مما يسمعها من كلام جارح, وحضروا ليلة عيد الأضحى, وخرجت وقضت ليلة العيد معهم وعادت, وجلسنا جميعًا, وفي المساء حضر وأخذها للذهاب مع أهله لقضاء يومين بالعين السخنة, وهنا بدأت المشكلة الكبرى, فقد أخذوا منها ابنها؛ لأنهم يريدونها أن تكون مربية له فقط, وكان أغلب الوقت معهم, وابنتي تحبه كثيرًا, وتم الخصام, وارتفعت الأصوات من أخواته وأمه وأبيه, وفي النهاية اتصلت ابنتي تبكي, وتريد منا الذهاب لأخذها, فكلمتني أمه, وقالت: (لكِ عندنا أمانة, وسوف نرجعها) وكالعادة وضعوا كل الخطأ على ابنتي, وأحضروها وتركوها هي وابنها بالشارع بعد منتصف الليل, بلا ملابس لها ولصغيرها, ولا نقود, ولا أي شيء, ودون توصيلها إلى منزل أهلها, دون أي اعتبار لأهلها, وبقي هذا الحال ما يقارب من الشهر, ونظرًا لما حصل طلبنا من أحد المحامين الاتصال به وإبلاغه بالحضور لمناقشة موضوعهم؛ للوصول إلى حل, ورفض ورفع عليها قضية طاعة, وقال فيها: (إنها بعد ولادتها ذهبت, ولم يعرف عنها أي شيء, ومع ذلك هو يقوم بالنفقة عليها, وتلبية جميع طلباتها ومتطلبات وليدها) وهذا كله كذب, ورد المحامي على القضية بأنه افتراء, وأنهم من أوصلوا ابنتي إلينا لاستكمال فترة النقاهة, وبعد اتصاله بها هاتفيًا والتحدث إليها وافقت على الرجوع إليه من أجل ابنها, وطلب عدم تدخلنا عندما يحضر لأخذها, علمًا أنه كان يطلب منها أن ترجع هي وحدها؛ لأنها من تركت المنزل, وليس أهله من أوصلوها, ورجعت معه, وعاشت في غرفة قديمة ببيت أهله السابق في هذا الشتاء دون أي فرش غير الموجود في الغرفة الموجودين بها, ولم تكمل 12يومًا, ورجع الحال لما سبق بفضل أمه وأخواته, وكان يغلق عليها الباب ويتركها وحيدة, واتصلت بنا ابنتي وطلبت تطليقها منه, وأبلغته بذلك, وقال: (إنه سوف يرجعها لنا ويطلقها), ولكنه اتصل بأخيها وطلب منه الحضور لأخذ أخته بعد مرور12يومًا من عودتها, وما زالت لدينا: لا مطلقة, ولا متزوجة, فأرجو منكم أن ترشدونا للحل مع هذا الشخص, وما الأفضل لابنتي؟ هل الأفضل معلقة أم كلمة منه؟ علمًا أنها الطلقة الثالثة والنهائية.
أفيدوني - بالله عليكم - فابنتي حالتها سيئة, وهي حزينة على ابنها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف, ويؤدي حقه، ومن حق الزوجة أن تمتنع من مساكنة أقارب زوجها, وتطالب بمسكن مستقل؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 80229.

ولا يخفى أن كثرة تدخل الأهل في شئون الزوجين غالبًا ما يؤدي إلى مفاسد، فينبغي للأهل ألا يتدخلوا في شؤون الزوجين إلا عند الحاجة بمشورة أو نصيحة بالمعروف، وعلى الزوج أن يكون حكيمًا فيحسن عشرة زوجته, ويحرص على صفو العلاقة بين أهله وزوجته.

والذي ننصحكم به أن يتدخل حَكَم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة أو غيرهما من العقلاء الصالحين ليصلحوا بينهما, أو يتفقوا على الطلاق في حال تعذر الإصلاح، لكن ننبه إلى أن الطلاق ليس بالأمر الهين, فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف - ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات, والتنازل عن بعض الحقوق - كان ذلك أولى من الفراق, لا سيما حال وجود أولاد.

كما ننبه إلى أن الطلاق قبل الدخول والخلوة الصحيحة طلاق بائن لا يملك الزوج فيه الرجعة إلا بعقد جديد، فإن كان زوج ابنتك قد طلقها قبل الدخول وراجعها من غير عقد جديد فالزوجية باطلة، فعليكم عرض المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوقين في بلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني