الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلول البلاء ليس بالضرورة بسبب الوقوع في المخالفة الشرعية

السؤال

أسألكم عن أمر يحيرني وزوجي منذ عام تقريبًا, والقصة كما يلي:
نحن أسرة نتكون من أب وأم وطفل - عمره قرابة السنتين - ورضيعة تقارب الأربعة أشهر, ونحن نعيش سويا منذ ثلاث سنوات تقريبًا, وفي السنتين الأوليين كنا نعيش خلالهما في أمن وأمان, وفي هذه السنة - والحمد لله على كل حال – تغير الحال, ونعزو السبب أنا وزوجي للربا, فقد اشترينا منزلًا بالربا هنا في بلاد الغرب, وكنا قد سمعنا فتوى تقول: إن من أراد مسكنًا يؤويه وأسرته - لأنه في بلد المهجر لا توجد بنوك إسلامية, والكراء باهظ الثمن - فيمكنه أن يقترض من بنك ربوي, ونحن الآن - أنا وزوجي - نمر بظروف عصيبة, لاحظها كل من حولنا, فقد اشترينا المنزل قرب عمل الزوج, والأمر الغريب أنه بعد السكن بالمنزل بثلاثة أشهر أصيب زوجي بألم بالظهر أجبره أن يبقى طريح الفراش ليومنا الحالي, وأن يخضع لعملية الظهر, فلا هو استطاع أن يحقق حلمه بأن يكون عمله قريبًا من سكنه, ولا هو بقي معافىً في بدنه, هذا الأمر الأول, أما الأمر الثاني فقد أصبحت نقاشاتنا وحواراتنا تنتهي - دائمًا أو في الغالب - بصدامات وخصومات, وأنا والأبناء في المستشفى دائمًا, المهم أن وضعنا أصبح مؤلمًا للغاية, وفقدنا الشعور بالاستقرار والأمان, وكأننا في دوامة من المشاكل, فما أن نرفع هامتنا من أمر إلا ويأتي أمر يحنيها من جديد, ولا أدري ما هو سبب حالنا هذا؟ هل هو الربا, أم العين والحسد, أم بسبب ذنوب اقترفناها لا نعلمها, أم ظلم أحد ما؟ وقد قررنا - أنا وزوجي - اللجوء إليكم بعد الله سبحانه وتعالى بصفتكم مختصين؛ حتى تبينوا لنا ما الأمر, وحتى ترشدونا للحل الصحيح.
بارك الله بكم ولكم وفيكم, وجزاكم عنا وعن الإسلام خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يكشف عنكم السوء، وأن يصرف عنكم البلوى، وأن يدفع عنكم الهم والغم والسقم، وإن يرزقكم العيشة الهنية، وأن يهبكم الرزق الحلال, إن ربنا سبحانه ولي مجيب.

أما بخصوص هذا الأمر: فلا نجزم فيه بسبب معين، فقد يكون لما ذكرت, وقد يكون لسبب غيره مما الله تعالى به عليم، خلا أن للذنب شؤمًا يجده العبد في نفسه وأهله وماله, وفي شأنه كله، وإرشاداتنا في هذا الصدد هي كالتالي:

1 - لا يخفى أن الربا من المحرمات الشرعية التي لا تستباح إلا بالضرورة، فإذا لم تبلغا حد الضرورة, فقد ارتكبتما إثمًا عظيمًا, وعليكما التوبة إلى الله تعالى مما اقترفتما من الاقتراض بالربا، وتحصيل التوبة يكون بالندم, والاستغفار, والإقلاع, والعزم على عدم العود, وراجعي الفتوى رقم: 140808.

2 الالتجاء إلى الله تعالى, فهو وحده المفزع في السراء وفي الضراء, وإليه المشتكى على كل حال، ومن توجه إلى الله تعالى بنية صادقة, وإرادة خالصة كفاه هم الدنيا وخطر الآخرة، فاضرعا إليه سبحانه بالدعاء، وتقربا إليه بما وسعكما من صالح العمل.

هذا, وحري أن لا تغفلا عن احتساب المثوبة فيما حلَّ بكما من مصيبة, فلا يضيع مع الصبر بلاء.

3 - لا بأس بالتماس الرقية الشرعية, ويرقي المرء نفسه، ويسترقي غيره ممن هو أهل لذلك، فالاستشفاء بكتاب الله تعالى مشروع على كل حال، فهو دواء لكل داء ودفع لكل نازلة, وراجعي الفتوى رقم: 123533 وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني