الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز التصدق بالمال المأخوذ بغير حق إذا أمكن رده إلى صاحبه

السؤال

أنا موظف في شركة مختلطة أجنبية, ومديري المباشر قريب لي, وهو من جلبني للعمل بالشركة, والمدير العام فرنسي, وكان دائمًا يضع في حسابه فواتير غير حقيقية بمبالغ كبيرة, وحاول بعض الموظفين توضيح الصورة لأعضاء مجلس الإدارة والمالكين, لكنهم لم يهتموا؛ مما جعل أحد المدراء - بعد إبلاغهم - أن يستقيل من الشركة.
مرّ وقت ووجد مديري المباشر فاتورة بمبلغ كبير في حساب المدير مكررة, فعرض عليّ أن نأخذها سويًّا, فرفضت أول الأمر, لكن بعد فترة - ونظرًا لاحتياج قريبي للمال - أخذ مبلغ الفاتورة, وأعطاني منه نسبة, لكني وضعتها في الخزانة معه في ظرف؛ لعدم حاجتي, ومر الوقت وتكررت العملية وبعد مرور حوالي عام طلب مني قريبي أن آخذ المال أو يأخذه هو, وأخذت الظرف, لكني لم أرد أن أصرف شيئًا منه فأعطيته لصديق لي علي سبيل الاستثمار؛ حتى لا يختلط الحلال بالمشبوه, ومرَّ الوقت حتى أديت فريضة الحج - والحمد لله - وقد علمت أن الله يغفر أي شيء إلا المظالم, وفي يوم عرفة دعوت الله كثيرًا أن يغفر لي ذنوبي جميعًا حتى المظالم, وبعد الحج عرض عليّ قريبي الموضوع مرة أخرى فرفضت, ونصحته أن ينوي التوبة, وعرضت عليه أن نرجع المال مرة أخرى, فقال لي: إن كنت تريد أن ترجعه فأعطني إياه, مع العلم أنه لن يرجعه للشركة, فهل من طريقة لإرجاع المال, حتى لو تبرعت بجزء من المال لله؟ مع العلم أني لا أستطيع أن أرجع المال للشركة؛ حيث إنه هو المسؤول عن الخزانة, وهل هذا المال من المظالم؟ مع العلم أنها لم تكن أمانتي, وهل يكون المال حلالًا لي لو كان هو المسؤول أمام الشركة؟ فقد نويت أن أقتطع جزءًا من راتبي كل شهر؛ حتى أجمع المال كله مرة أخرى؛ حتى أرى ماذا عليّ أن أفعل, وهل أرجعه للشركة حين أتركها أو يتركها قريبي؟ أم يجوز أن أتبرع بنسبة منه لكي يبقى حلالًا؟
آسف للإطالة - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أن تخلص في التوبة إلى الله تعالى, والإنابة إليه مما اقترفت مع مديرك هذا من خيانة ما ائتمنتما عليه، فذلك ذنب عظيم، وإذا كنت فعلًا قد حققت التوبة بشروطها: من ندم على ما فات, وإقلاع عن الذنب, وعزم على عدم العود إليه أبدًا، فالتوبة مقبولة بشروطها هذه, وليهنأك ما وفقك الله من الرجوع إليه.

أما بخصوص هذا المال: فالواجب عليك أن تجهد في رد ما أخذته فورًا إلى خزانة هذه الشركة بما تستطيع حسب ما تيسر لك، ولو بأن تحتال فتدع بعض حقك مقابله؛ حتى تتحقق براءة ذمتك, ولا يجزئك أن تتصدق بهذا المبلغ وأنت قادر على رده، كما لا يجزئك أن تدفعه لهذا المدير وأنت تعلم أنه سيأخذه ويعتدي عليه, وراجع الفتوى رقم: 166879.

أما الواجب عليك قبل هذا المدير: فنصحه وزجره عن سيئ فعله، وإن لم ينزجر فلترفع أمره إلى من هو مسؤول عنه، ما لم تخش أن يلحقك بذلك ضرر أعظم، وسكوتك وأنت قادر على التغيير من الرضا بالمنكر الذي لا يجوز.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني