الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله في الحديث: لم يسبقه أحد كان قبله ولم يدركه أحد بعده إلا من عمل بأفضل منه

السؤال

قرأت هذا الحديث الشريف وعرفت بأن رتبته الحسن، والحديث هو: من قال: لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ مائتي مرةٍ في يومٍ لم يسبقْه أحدٌ ٌكان قبلَه، ولم يُدرِكْه أحَدٌ بعده، إلا من عمِل بأفضلَ مِن عملِه ـ الراوي عبدالله بن عمرو... المحدث: الألباني.. المصدر: صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم:1591... خلاصة حكم المحدث: حسن، فلم أفهم المقصود بـ: لم يسبقه أحد كان قبله ولم يدركه أحد بعده ـ فهل المقصود بها، بعد وقبل أن قال لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ مائتي مرة؟ وما المقصود بـ: إلا من عمل بأفضل من عمله؟ وما هو العمل الأفضل من قول: لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ مائتي مرة؟ وهل هي الصدقة أم الصوم أم قيام الليل؟ أم أن هناك أعمالا أفضل من ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم: لم يسبقْه أحدٌ ٌكان قبلَه، ولم يُدرِكْه أحَدٌ بعده ـ أي في الزمن، يعني من وُجد في الزمن السابق، ومن سيوجد في الزمان اللاحق، فالضمير في قوله: قبله وقوله: بعده ـ يعود على الذاكر نفسه، والله أعلم، قال الساعاتي في الفتح الرباني 14/215: معناه لم يأت أحد تقدمه أو تأخر عنه بأفضل من عمله، أي أكثر في العدد، ويحتمل أن يكون المراد بالأكثرية الزيادة في أعمال الخير، سواء كانت من التهليل أو منه ومن غيره، واستظهره النووي. اهـ.

وأما قوله: إلا من عمل بأفضل من عمله ـ فالمراد به من عمل مثل عمله وزاد عليه من جنسه أو من غير جنسه، قال النووي: هذا فيه دليل على أنه لو قال هذا التهليل أكثر من مائة مرة في اليوم كان له هذا الأجر المذكور في الحديث على المائة، ويكون له ثواب آخر على الزيادة، وليس هذا من الحدود التي نهى عن اعتدائها ومجاوزة أعدادها، وإن زيادتها لا فضل فيها أو تبطلها كالزيادة في عدد الطهارة وعدد ركعات الصلاة، ويحتمل أن يكون المراد الزيادة من أعمال الخير لا من نفس التهليل، ويحتمل أن يكون المراد مطلق الزيادة سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره، وهذا الاحتمال أظهر. اهـ.
وقال الباجي في شرح الموطإ: ثم قال: إلا رجل عمل أكثر من ذلك ـ لئلا يظن السامع أن الزيادة على ذلك ممنوعة كتكرار العمل في الوضوء، ووجه ثان وهو يحتمل أن يريد: لا يأتي أحد من سائر أبواب البر بأفضل مما جاء به، إلا رجل عمل من هذا الباب أكثر من عمله. اهـ.
وقال ابن عبد البر في التمهيد: في هذا الحديث دليل على أن الذكر أفضل الأعمال.. ومن هذا الباب على ما قلنا قول أبي الدرداء: ألا أدلكم أو أخبركم بخير أعمالكم وأرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وخير من كثير من الصدقة والصوم وخير من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى. قال: ذكر الله ـ وقال معاذ بن جبل: ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله... اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 181261.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني