السؤال
لدي صديق يصلي المكتوبة - ولله الحمد – ولكنه لا يحافظ على الرواتب, وابتلاه الله بالعادة السرية, وفيه خصلة حسنة فهو يشتري عودًا للمسجد دائمًا دون انقطاع, ويقول: لعل الله أن يطيب سمعتي في الدنيا والآخرة كما طيبت بيته الطاهر, وكذلك هو شديد البر بأمه, وعلمت من إخوانه أن أمه تحبه حبًّا شديدًا يفوق الوصف, حتى إن إخوته يغارون منه من كثرة دعاء أمه له, وقد نصحته بالمحافظة على الرواتب وترك العادة السرية, فقال: واللهِ إني حاولت بكل الوسائل, وأدعو الله في كل صلاة أن ينجيني منها, ويقول لي: ولكنّ أملي في الله كبير, فما دمت بارًا بأمي لوجهه الكريم فلن يخذلني يوم القيامة, ولن يحرمني التوبة قبل الموت, مع أني ألاحظ أنه إذا دخل الأسواق لا يرفع بصره لامرأة قط, فسألته فقال: عودت نفسي من الصغر أن لا أرى محارم الناس؛ لأني لا أحب أن ينظر الناس إلى محارمي وأهلي, وسألته عن سبب العادة السرية, فقال: ابتليت بها وأنا صغير, بسبب تشجيع صديق لي على ممارستها, ولم أكن أعلم حرمتها آنذاك, ولكني بعد أن علمت كنت قد أدمنت عليها, وقد حرت كيف أنصحه؟ مع العلم أن كل من يجالسه يحبه حتى لو لم يعلم ما يصنعه, لا أدري هل هو من دعوات أمه له, أم ماذا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الأخ الذي ذكرت وصفه فيه خير كثير، ونرجو أن يكون ممن قال الله تعالى فيهم: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التوبة:102}، ولعل دعوات أمه له أحد أسباب حب الناس له، ولكن مع هذا فينبغي أن تجتهد في نصحه، واجعل مفتاح ذلك حثه بما هو عليه من الخير أن يكمل تلك المحاسن بتوبة نصوح إلى الله تعالى من هذه العادة الذميمة، كما ينبغي له أن يحافظ على الرواتب, فإن في الحفاظ عليها خيرًا كثيرًا، ثم ليعلم هذا الأخ - هدانا الله وإياه - أنه ليس عاجزًا عن التوبة, وإنما يسول له ذلك الشيطان، فما من عبد يقبل على ربه, ويصدق في اللجأ إليه, والاستعانة به, إلا وفقه الله وأعانه على نفسه, كما قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}، فليستعن بربه, وليقبل عليه, وليخلص في دعائه أن يصرف عنه السوء والفحشاء, وأن يجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن، وليكثر من الذكر وقراءة القرآن, وليصحب الصالحين, وليتزوج - إن أمكنه ذلك - وإلا فليكثر من الصوم, فإنه له وجاء، نسأل الله أن يهدينا وسائر إخواننا صراطه المستقيم.
والله أعلم.