السؤال
أنا مصاب بتقطير بعد البول وخروج قليل من البراز ـ أكرمك الله ـ بعد التغوط وأحيانا مخاط، وليس عندي سلس إلا في الريح، إذ الريح يلازمني جل الوقت، أما بقية الأحداث فعرفت من فضيلتكم أنه يجب علي الانتظار حتى تنقطع، فهل هذا صحيح؟ إذ إنني أعاني من سلس الريح أصلا، وأحينا يكون انتظار الانقطاع شاقا علي، لأن لدي مدرسة وأذهب إلى حلقات تحفيظ القرآن، والمدرسة تطلب منا مشاريع وأنشطة تستدعي الذهاب إلى الأسواق وفي بعض الأوقات أكون مشغولا جدا وفي تلك الأوقات يشق علي انتظار الانقطاع، وأسئلتي هي: هل لي أن أصلي على حالتي؟ وما حكم الصلوات التي صليتها على تلك الحال بسبب مشقة انتظار الانقطاع؟ وإذا استيقظت بعد شروق الشمس وذهبت لأقضي حاجتي، فهل يجب أن أنتظر الانقطاع أم لا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سلس الريح عذر يبيح لصاحبه أن يصلي على حالته بعد وضوئه عند دخول الوقت، ويقتصر العذر عليه فلا يلحق به تأخر انقطاع البول والغائط، لأن هذا التأخر لا يبيح الصلاة بوجود النجاسة، إلا إن خاف خروج وقتها فحينئذ يصليها ولو لم تنقطع النجاسة، قال شيخ الإسلام: فالشرع قد استقر على أن الصلاة، بل العبادة التي تفوت إذا أخرت تفعل بحسب الإمكان في الوقت ولو كان في فعلها من ترك الواجب وفعل المحظور ما لا يسوغ عند إمكان فعله في الوقت، مثل الصلاة بلا قراءة، وصلاة العريان، وصلاة المريض وصلاة المستحاضة، ومن به سلس البول، والصلاة مع الحدث بلا اغتسال ولا وضوء، والصلاة إلى غير القبلة، وأمثال ذلك من الصلوات التي لا يحرم فعلها، إذا قدر أن يفعلها على الوجه المأمور به في الوقت، ثم إنه يجب عليه فعلها في الوقت مع النقص لئلا يفوت، وإن أمكن فعلها بعد الوقت على وجه الكمال، فعلم أن اعتبار الوقت في الصلاة مقدم على سائر واجباتها. انتهى.
وقد ذكرنا أحكام هذه المسائل بشيء من التفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 50567، 170803، 8777.
وأما حكم الصلوات التي صليتها بسلس الريح مع وجود النجاسة بسبب تأخر الانقطاع، فهو حكم من ترك شرطا أو ركنا في الصلاة جاهلا، فهل تبرأ ذمته ولا شيء عليه، أم لا تبرأ وعليه الإعادة أو القضاء؟ اختلف فيها أهل العلم على قولين، والجمهور على وجوب الإعادة إن كانت في الوقت أو القضاء إن خرج وقتها، ويمكنك مراجعة هذه المسألة في الفتوى التالية: 125226.
وأما إذا استيقظت من النوم بعد طلوع الشمس فيجب عليك الإتيان بالطهارة الواجبة، بما في ذلك انتظار انقطاع النجاسة، لأن وقت النائم من حين استيقاظه، قال شيخ الإسلام: فإن الوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها ـ فجعل الوقت الذي أوجب الله على العبد فيه هو وقت الذكر والانتباه، وحينئذ، فمن فعلها في هذا الوقت بحسب ما يمكنه من الطهارة الواجبة فقد فعلها في الوقت، وهذا ليس بمفرط ولا مضيع لها. انتهى.
والله أعلم.