الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب اتقاء الوجه عند تطبيق حد الرجم

السؤال

هل صحيح أنه يجب اتقاء الوجه عند الرجم؟ فقد ورد في قصة الغامدية أنه صلى الله عليه وسلم أخذ حصاة كالحمصة ورماها بها, ثم قال للناس: "ارموها واتقوا الوجه" فكيف يموت الإنسان إذا تم اتقاء الوجه؟ وما حجم الحجارة التي تستخدم في الرجم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ورد في سنن أبي داود في وصف رجم امرأة أنه قال: ثُمَّ رَمَاهَا بِحَصَاةٍ مِثْلَ الْحِمِّصَةِ. وقد رواه أبو داود بصيغة التمريض، وقال البيهقي: وهذا إنما يرويه شيخ غير مسمى, وقد ضعف إسناده الألباني.
وأما وجوب اتقاء الوجه في الرجم فقد قال العراقي في طرح التثريب: وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ «شَهِدْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَغْلَتِهِ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ حُبْلَى فَقَالَتْ: إنَّهَا قَدْ بَغَتْ فَارْجُمْهَا»: الْحَدِيثَ وَفِيهِ: «ثُمَّ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ ارْمُوهَا وَإِيَّاكُمْ وَوَجْهَهَا» لَفْظُ النَّسَائِيّ, وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد: «ارْمُوا وَاتَّقُوا الْوَجْهَ». وهو ضعيف أيضًا.

وقال صاحب طرح التثريب - وهو شافعي -: ظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ, وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ بِاتِّقَاءِ الْوَجْهِ فِي ضَرْبِ الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا, وَلَمْ يُفْصِحُوا عَنْ حُكْمِهِ, وَصَرَّحَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ بِوُجُوبِ ذَلِكَ. انتهى.
وجاء عن حجم الحجارة وكيفية الرجم في الموسوعة الفقهية: ثم إن الفقهاء قد صرحوا بأن تكون الحجارة في الرجم متوسطة كالكف - تملأ الكف - فلا ينبغي أن يرجم بصخرات تذففه - أي تجهز عليه فورًا - فيفوت التنكيل المقصود, ولا بحصيات خفيفة لئلا يطول تعذيبه, قال المالكية: ويخص بالرجم المواضع التي هي مقاتل من الظهر وغيره من السرة إلى ما فوق, ويتقى الوجه والفرج, وقد صرح الحنابلة بأن يتقي الراجم الوجه لشرفه, وهو اختيار بعض المتأخرين من الشافعية. اهـ

وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير في وصف الحجارة أن تكون: (مُعْتَدِلَة بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ) أَيْ: لَا بِحِجَارَةٍ عِظَامٍ خَشْيَةَ التَّشْوِيهِ, وَلَا بِحَصَيَاتٍ صِغَارٍ خَشْيَةَ التَّعْذِيبِ, بَلْ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ الرَّامِي بِلَا كُلْفَةٍ - كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ - لِسُرْعَةِ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ, وَيُخَصُّ بِالرَّجْمِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي هِيَ مَقَاتِلُ مِنْ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى فَوْقُ, وَيُتَّقَى الْوَجْهُ وَالْفَرْجُ. انتهى.
وأما كيفية موت الإنسان إذا اتقي وجهه في الرجم؛ فإنه يموت بإصابة مواضع أخرى, كالرأس, ونحوه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني