السؤال
كنت مسرفا جدا في المعاصي, ولدي سرقات كثيرة من المسلمين وغير المسلمين وعلي ديون ربوية أيضا، ومن كثرة السرقات التي اقترفتها والتي لا أعلم قيمتها ولو عرفت القيمة فلا أستطيع ردها حيث إنني متزوج ولدي 5 أطفال وأدفع إيجار منزل، والآن أنا محتار فكلما أردت أن أتوب تذكرت الحقوق التي بيني وبين الخلق فأصاب بإحباط شديد, وسؤالي هو: ما الفائدة من التوبة الصادقة مع وجود ديون كثيرة؟ بودي أن أتوب حاليا, لكن كلما أحاول أن أجد وأطيع الله كما ينبغي, أشعر بإحباط لما أرى من حقوق علي وبما سيقتصه الناس مني يوم القيامة, فأشعر بالحزن الشديد عندما أحافظ على الفروض فقط، أما النوافل والسنن فلا أفعلها، لأنني أشعر كأنني أبني بنيانا بتعب وهناك من الجهة الأخرى ما يهدمه ألا وهو السرقة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم ـ هداك الله ووفقك للصواب ـ أن التوبة هي ملاك الأمر، وإصلاح العبد ما بينه وبين الله تعالى هو أول عتبة على طريق الخير، فلتحمد الله أن وفقك للإقلاع عن هذا الذنب، ولتشفع ذلك بندم صادق ولوعة ولهفة على ما فرطت، ولتكثر ما استطعت من الاستغفار في السر والعلن، ومن نوافل العبادات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، واعلم أنك بالتوجه إلى الله تعالى تُكفى هم الدنيا وهم الآخرة وهم ما بينك وبين العباد، فإذا أنت أخلصت في الإنابة إليه يسرّ لك كل خير وهيأ لك ما تقضي به دينك وتصلح به أمرك، بل وآتاك ما لم تكن تحتسب.
أما هذه المسروقات العالقة بذمتك: فالأمر فيها سهل ميسور فلا يكلف الله تعالى إلا بقدر الطاقة، فطريقة الخلاص منها، أن تقدر هذه المسروقات جميعها ما كان منها من مسلم وما كان منها من كافر، فإذا قدرتها وغلب على ظنك أن قد أحطت بها، فلتشرع في تحصيلها على قدر الطاقة وتسديدها لأصحابها، ولا ضير في أن تسددها أقساطا إذا لم تستطع إلا ذلك، ومن عجزت عن الوصول إلى أصحابه فلتتصدق بحقه عنه، وعند رد المال إلى صاحبه لا يلزمك أن تفصح عن جلية الأمر، بل استر على نفسك فذلك أولى، واحتل في إرجاع المال فقل لمن ترجعه له: هذا من شخص اعتدى عليك وتاب أو نحو ذلك مثلا، وراجع الفتوى رقم: 198929.
والله أعلم.