الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كناية الطلاق بغير نية أو مع الشك في النية لا يقع بها الطلاق

السؤال

أنا شاب كتبت كتابي منذ شهر تقريبا ولم أدخل بزوجتي حتى الآن, وكنت أنتظر يوم كتب كتابي بفارغ الصبر، لأنني أحب زوجتي جدا وهي تحبني جدا, وبعد كتب الكتاب بيوم بدأ معي ما يسمى بحديث النفس ـ أي أنني أحدث نفسي بأنني أقول لزوجتي: أنت طالق ـ دون التلفظ بلساني وذلك دون أي سبب, فتصفحت مواقع الفتاوى عبر الأنترنت, فعلمت أن حديث النفس لا يقع به الطلاق، لأن الله لا يؤاخذ الإنسان بما حدث به نفسه, وأثناء قراءتي للفتاوى علمت أن هناك ما يسمى بطلاق الكناية وهو أن الرجل أثناء حديثه مع زوجته إذا قال لها لفظا يدل على الفراق مثل: اذهبي إلى أهلك أو ما شابه ذلك ـ وكانت نيته الطلاق عند تلفظه بهذا اللفظ وقع الطلاق في الحال، وفي يوم ما كانت عائدة من عملها وكنت بالمنزل فكلمتني كي تمر علي ونخرج لنتناول الطعام بالخارج, فقلت لها طيب ادخلي إلى البيت عندنا حتى أغير ملابسي وأنزل معك, فقالت لا، لأن والدتك وأختك نائمتان وأنا محرجة, فقلت لها وأنا متضايق: براحتك ـ وتداركت بعد اللفظ مباشرة أنه من ألفاظ طلاق الكناية, ثم شككت في نيتي بعدها, هل كنت أقصد بكلمة: براحتك ـ أي كما تشائين إن كنت لا تريدين الدخول فلا تدخلي، أم كان قصدي بهذه الكلمة أنني فارقتك فتصرفي كما تشائين, ونزلت وخرجت معها, لكنني أثناء جلوسي مع نفسي شردت بذهني وظللت أفكر في نيتي وأكرر الموقف بالكلام مع نفسي وأقول نفس الكلمة لأتذكر ماذا كانت نيتي حين قلت: براحتك ـ ثم تغاضيت عن هذا الموقف وعلمت أن اليقين لا يزول بالشك، وبعد كتب الكتاب بحوالي أسبوعين كنا نتحدث في الهاتف فحدثت بيننا مشادة بسيطة جدا, فأخذت أصالحها وأضحك معها فتظاهرت بأنها ليست متضايقة ولكنني شعرت من طريقة كلامها أنها مازالت متضايقة, فتضايقت أنا أيضا لأنني أحسست أنها تمادت في غضبها رغم أني أحاول أن أصالحها ولأن الموضوع أصلا الذي حدث الخلاف بسببه لا يستدعي هذا الغضب منها وكنا متفقين في بداية المكالمة وقبل الخلاف أننا سوف نخرج سويا, وبعد هذا الخلاف البسيط سألتها هل تريد الخروج؟ فقالت نعم أريده كنت بداخلي متضايقا منها وأشعر أنني لا أرغب فيها, فقلت لها هذه الجملة: لو مش عايزة خلاص ـ وكنت أقصد بها: إذا كنت لا تريدين أن نكمل مع بعض، فكان ردها لا، أريد أن نخرج ليست هناك مشكلة, وبعد قولي هذه الجملة مباشرة أحسست بهم وحزن شديدين جدا لإحساسي أن الطلاق وقع بقولي هذه الجملة، لأنني اعتبرت هذه الجملة من ألفاظ طلاق الكناية الذي قرأت فتاوى كثيرة عنه بعد كتب الكتاب بأيام قليلة، وأخذت أقول إن هذه الجملة فيها صيغة تخيير, فلا يقع بها الطلاق إلا إذا اختارته زوجتي, ثم قرأت فتوى على شبكة إسلام ويب تقول إن مجرد الشعور بعدم الرغبة في الزوجة وإرادة التخلص منها عند التلفظ بألفاظ الكناية لا يعني أن الزوج يقصد الطلاق فأهدأ قليلا ويرتاح بالي ثم أعود للهم والحزن الذي جعلني لا أستطيع التركيز في عملي وجعلني أشعر بألم في معدتي، أفتاني عدة مشايخ أن الطلاق لم يقع وأنني موسوس, ومن هؤلاء المشايخ من لم يرد أن يستمع إلي حتى أكمل كلامي، وقال لي لا تكمل كلامك فأنت موسوس, فأقول له اسمعني ياشيخ فلا يريد أن يسمعني, ومنهم من قال لم يقع الطلاق لأنك كاره للطلاق ولا تريده، وإنما هو الشيطان يوسوس لك أنك تريده عندما تتلفظ بألفاظ الكناية, ومنهم من قال لي أنت لا يقع منك الطلاق مادمت لم تقلها صريحة: أنت طالق ـ أرجوك يا شيخ لا تقول لي الإجابة المعتادة التي قرأتها في معظم فتاوى طلاق الكناية على مواقع الفتاوى وهي: أن طلاق الكناية يقع بالنية فإن كانت نيتك الطلاق عند التلفظ وقع الطلاق.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالطلاق يقع باللفظ الصريح أو الكناية مع النية من الزوج المكلف المختار، أما الكناية بغير نية الطلاق أو مع الشك في النية فلا يقع بها الطلاق، لأن الأصل بقاء النكاح، قال البهوتي رحمه الله: من شك في طلاق أو شك في شرطه أي: شرط الطلاق الذي علق عليه وجوديا كان أو عدميا لم يلزمه الطلاق، لأنه شك طرأ على يقين فلا يزيله. اهـ

وعليه، فكل ما ذكرته في سؤالك وساوس لا يقع بها طلاق، فأعرض عنها ولا تلتفت إليها، واستعن بالله ولا تعجز، وأشغل وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك، وللمزيد فيما يتعلق بالأمور المعينة على التخلص من الوساوس راجع الفتاوى التالية أرقامها: 39653، 103404، 97944، 3086، 51601.

وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات النفسية بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني