الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوج بأجنبية مسلمة واكتشف أنها تكذب وتزور أهلها المعادين للدين

السؤال

أنا شاب مسلم, أعيش في أمريكا منذ سبع سنين, تزوجت منذ ثلاثة أشهر من فتاة مسلمة أمريكية, وزوجتي حديثة العهد بالإسلام، فلم يمضِ على إسلامها سوى سنة واحدة, واتخذت قراري أن أتزوجها عندما علمت منها أن أهلها قد تخلوا عنها وحاربوها بسبب إسلامها, ولم يعودوا يكترثون لها, فرقَّ قلبي لها, وأردت أن أكسب أجرها وأعلمها الدين والقرآن واللغة العربية, وتزوجتها منذ ثلاثة أشهر, واكتشفت مؤخرًا أنها تتقن الكذب, وأنّ كثيرًا من الأشياء التي قالتها لي ما هي إلا محض كذب, فقد راقبتها واكتشفت أنها كاذبة, فعلى سبيل المثال هي لا تذهب إلى الجامعة مع أنها أخبرتني أنها تدرس في الجامعة, وراقبتها وعلمت أنها إما أن تذهب للتسوق, أو تذهب لتزور إحدى صديقاتها, وعندما ترجع إلى البيت تتظاهر أنها كانت في الجامعة, وأن عليها واجبات دراسية وامتحانات وأمورًا كهذه, وبدأت تشتاق إلى أهلها, وتتكلم معهم, وتريد أن تقضي أوقاتًا أكثر معهم, وتريد أن تزورهم مع أنهم عائلة تعادي الدين كما فهمت منها, وأمها تعيش مع رجل ليست متزوجة منه, وأخوها تاجر مخدرات, أي أنهم مثل معظم العائلات الأمريكية, وأنا الآن أشك في كل شيء قالته لي وعلمته عنها؛ حتى في موضوع طرد أهلها لها, وأنا الآن حائر جدًّا فيما يتوجب عليّ عمله، فهناك الكثير من الأمريكان - خاصة الفتيات - يعتنقون الإسلام على سبيل التغيير؛ لأنهم بطبيعتهم شعب يحب التغيير في كل شيء, وأنا على علم بعدة حوادث لأمريكان أسلموا ثم ما لبثوا أن بدلوا دينهم, وفي المقابل عندي أصدقاء كثر من الأمريكان أسلموا وحسن إسلامهم, وأنا – واللهِ - توسمت في الفتاة خيرًا في البداية, وكان الهدف الرئيس من زواجي منها أن أعتني بها, وأن أعوضها عن ظلم أهلها, وأنا أخشى الآن أن تكون زوجتي حاملًا بابنٍ لي, وهذا ما يجعلني مترددًا في اختيار القرار المناسب لتعاملي معها, وإذا كان ظني في محله وحدث انفصال فبموجب القانون هنا لها الحق في حضانة الطفل, وزوجتي امرأة محجبة, وتصلي خمس صلوات, وتصوم النوافل أحيانًا, وما زالت تبدي رغبة كبيرة في تعلم الدين, ولكنني لا أستطيع تصديق ما تقول بعد الآن, وأنا أتحدث إليها مرارًا عن أهمية الصدق في الإسلام, وكيف أنه مهم جدًّا لاستمرار ونجاح الحياة الزوجية أملًا ان تصارحني بأنها لم تكن صريحة معي, مع العلم أنه ليس لديها أدنى معرفة بأني على علم بكذبها, ولا أعرف ماذا أفعل؟ فهل أستمر في مراقبتها؛ لأعرف المزيد عن ما تخبئه عني، أم أصارحها أني اكتشفت كذبها, أم أنتظر لأتبين إن كانت حاملًا أم لا ثم أتصرف؟ أفتونا - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت في إحسانك لهذه المرأة وزواجك منها لتعينها على أمور دينها, وتعلمها القرآن واللغة العربية - فجزاك الله خيرًا -.

وإذا كانت قد كذبت عليك وأخبرتك عن بعض الأمور بما هو خلاف الواقع فقد أساءت وأتت أمرًا منكرًا، فالكذب كبيرة من كبائر الذنوب, ولكن لا يحملنك ذلك على إساءة الظن بها في كل شيء، فالأصل في المسلم السلامة حتى يتبين خلافها، خاصة أنك قد ذكرت عنها بعض الصفات الطيبة, كالتزام بالحجاب, والمحافظة على الصلاة المفروضة, والتقرب إلى الله بالنوافل, قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}, ورغبتها في الذهاب إلى أهلها والتواصل معهم لا يلزم الطعن في دينها بسببه, ولكن إن كنت تخشى عليها منهم فسادًا فامنعها من الذهاب إليهم.

ولا يجوز لك التجسس عليها لتعرف ما إن كانت كاذبة، فالتجسس في غير ريبة حرام، فعاملها بالظاهر والله يتولى السرائر, وإذا لم تخش مفسدة من إخبارها بمعرفتك بما كذبت عليك فيه فلا بأس أن تخبرها به, ورغبها في تحري الصدق, وبين لها فضله, ورهبها من الكذب, وبين لها حرمته, وأنه من كبائر الذنوب.

والذي ننصحك به أن تهاجر بها لتقيم معك في بلد مسلم، ففي ذلك كثير من المصالح, ومنها إبعادها عن بيئة أهلها, ولو قدر أن رزقت منها أولادًا وحصل الطلاق أمكنك الحصول على حضانتهم, ونحو ذلك من المصالح الأخرى, ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 2007, والفتوى رقم: 12829.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني