السؤال
ما حكم قول الشخص: الله أحب إلي من كذا وكذا محاولة من نفسه لترك هذا الأمر، ثم غلبته نفسه وفعله، أو قول: لن أسمح بلذة الطعام والإكثار منه يحول بيني وبين الجنة، ثم غلبته نفسه وسقط في تلك الأشياء؟ وهل هذه المقولات تعد يمينا أو كفرا ـ والعياذ بالله؟ وجزاكم الله خيرا كثيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارات االمذكورة ليس فيها كفر ولا تعتبر يمينا، فلا تلزم منها كفارة، لأن اليمين إنما تنعقد باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته، قال العلامة خليل المالكي في المختصر: اليمين: تحقيق ما لم يجب بذكر اسم الله أو صفته.
وانظر الفتويين رقم: 62337، ورقم: 59934، وما أحيل عليه فيهما.
ولمعرفة الكفر وما يَكْفُر به المسلم وعلى مَن يطلق الكافر انظر الفتوى رقم: 12800.
وإن كان قصد السائل بقوله: لن أسمح بلذة الطعام.. منع نفسه من الانغماس في الملذات المباحة خوفا من الوقوع فيما لا يباح فهذا لا بأس به، فقد عرف أهل العلم مقام الورع بأنه: ترك ما لا بأس به حذراً مما به بأس ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَبْلُغُ الْعَبدُ أنْ يَكُونَ منَ المُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لاَ بَأسَ بِهِ، حَذَراً مِمَّا بِهِ بَأسٌ. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
ومن المعلوم أن من صفات الكافرين الإكثار من الملذات ومتع الدنيا، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ {محمد:12}.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث به إلى اليمن قال له: إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين. رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
ولمعرفة الفرق بين الورع والتشدد انظر الفتوى رقم: 47304.
وإن كان قصده تحريم الحلال: فهذا لا يترتب عليه شيء ولا تلزم به كفارة ـ عند جمهور أهل العلم ـ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا {المائدة:87}.
فذم الله المحرّم للحلال ولم يوجب عليه كفارة، فعلى المسلم أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في مأكله ومشربه وأموره كلها، فهو القدوة والأسوة الحسنة، كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب:21}.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل: أن يأكل ما تيسر إذا اشتهاه، ولا يرد موجوداً، ولا يتكلف مفقوداً، وللمزيد عن هذا الموضوع انظر الفتوى رقم: 134783، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.