الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب الستر على النفس من اقتراف الفاحشة

السؤال

سافرت لإحدى الدول الأجنبية ‏للدراسة، وقبل أن أسافر قالت لي ‏أمي إنها لن تسامحني إلى يوم القيامة ‏إذا فعلت شيئا يغضب الله هناك, و‏سافرت وحدي، وكنت في غاية ‏الضلال في هذا الوقت، ووقعت في ‏الزنا، ثم بعد فترة تبت إلى الله توبة ‏نصوحا، وأجريت جراحة إعادة ‏غشاء البكارة، وعدت إلى بلدي رغم ‏أنه كان بإمكاني الاستمرار هناك 3 ‏سنوات على الأقل، لكني لم أكن أريد ‏أن أبقى في هذا البلد الذي ينتشر فيه ‏الزنا، والانحلال، وأردت أن أنجو ‏بديني، واشتقت لعائلتي بعد ما عرفت ‏قيمتهم، وعدت إلى بلدي.‏
مشكلتي تكمن في قول أمي لي، فأنا ‏أفكر فيه، وأخاف من عذاب الله، أنا ‏أثق في ربي أنه سيغفر لي، ويتوب ‏علي؛ لأنه هو التواب الرحيم. أما ‏أمي فإذا عرفت بأمري يوم القيامة، و‏تذكرت قولها لي، فلن تسامحني أبدا. ‏لقد ستر الله علي، وأدعو الله أن ‏يسترني حتى ألقاه، وأن يسترني يوم ‏القيامة. ‏
فهل يجب علي الآن أن أقص على ‏أمي ما كان، وأطلب منها أن ‏تسامحني، وأفضح نفسي والله سترني ‏أم ماذا أفعل؟؟ وهل سيسامحني الله ‏يوم القيامة إذا عرفت أمي هذا الأمر ‏يوم القيامة ولم تسامحني؟؟ ماذا أفعل ‏؟؟
أرجوك ادعو لي أن يسترني الله ‏في الدنيا والآخرة، وأن يغفر لي و ‏يرحمني.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر، كما أن إجراء عملية إعادة غشاء البكارة غير جائز، كما بيناه في الفتوى رقم: 5047
لكن مهما عظم الذنب، فإن من تاب توبة صحيحة، تاب الله عليه، والتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. والواجب على من وقع في معصية أن يستر على نفسه ولا يفضحها، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.

قال ابن عبد البر: وفيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد.

وعليه، فلا يجوز لك أن تخبري أمك –ولا غيرها- بما وقعت فيه من الفاحشة، وعليك أن تستري على نفسك، وتجتهدي في تحقيق التوبة والاستقامة على طاعة الله، وأبشري خيرا بعفو الله وستره عليك في الدنيا والآخرة –إن شاء الله- نسأل الله أن يعفو عنك، ويغفر لك، ويسترك، ويصلح لك أمرك كله.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني