السؤال
رجل توفاه الله، وقبل وفاته كان قد أخبر ابنة أخيه أنه سيعطيها مبلغاً من المال لمساعدتها في تجهيز نفسها للزواج، لكنه مات قبل أن يعطيها المال، والآن أولاد المتوفى يسألون: هل يجب عليهم أن يعطوا هذا المبلغ لابنة عمهم؛ لأن والدهم كان يتكلم كلاماً عادياً وليس نذرا ولا وعدا فقط في جلسة عادية، وقد أهملهم أعمامهم وعماتهم بعد وفاة أبيهم، وقاطعوهم ولم يعودوا يصلونهم.
هل يجب عليهم إعطاء المال لابنة عمهم.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما من حيث الوجوب، فلا يجب عليهم ذلك، وأما من حيث الاستحباب، فحسن أن ينفذوا ما كان أبوهم قد وعد به ابنة أخيه؛ فإن ذلك من البر به بعد موته، فقد قال صلى الله عليه وسلم لمن سأله هل بقي من برّ أبويه شيء؟: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. رواه أبو داود، وضعفه الألباني.
قال الشيخ عطية صقر: وإنفاذ عهدهما من بعدهما ـ قد يراد به أن ينفذ الولد العهود التي تعهد بها والداه لغيرهما من الناس، ولم يستطيعا تنفيذها قبل الموت ـ كالديون مثلًا ـ وقد يراد تنفيذ العهود والوعود التي عهد الوالدان للولد أن ينفذها بعد الموت، لكن ذلك كله في الشيء الواجب، فيكون التنفيذ واجبًا، وفي المندوب يكون التنفيذ مندوبًا.
ويقول الشيخ أحمد حطيبة في شرح رياض الصالحين: فإذا كان الأب قطع عهداً لأحد ما، أو وعد أحداً، ومات قبل أن يفي به، فمن البر أن يفي ابنه بما عاهد أبوه، سواء بصدقة أو بهبة أو غيرهما، فإذا عرفت أنا أباك أو أمك قد وعدا إنساناً بشيء من الصدقة، فمن البر بالمعروف أن تنفذ ذلك، وإذا كان على أبيك أو على أمك نذر ما، وتوفيا قبل تنفيذه، فإنك تنفذ ذلك عنهما، وهذا يكون من باب بر الأبوين.
ولا ينبغي أن تكون قطيعة أعمامهم، وأرحامهم لهم، باعثة على معاملتهم بالمثل، أو أن يؤخذ البريء بجريرة المذنب, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
والله أعلم.