الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه

السؤال

أنا زوجة ثانية منذ 5 سنوات، ولم أستقر في بيت الزوجية شهرا واحدا متواصلا رغم أن زوجته الأولى لها سكن خاص بها هي وأولادها ووالدته تسكن في الطابق الأرضي بمنزل من غرفة معيشة وغرفة نومها، ودائما زوجي يختلق المشاكل حتى يتركني في بيت أهلي ولا يصرف علي وأنا عند أهلي، وعندما يحلو له أن يأتي ليأخذني إلى بيتي فعل، وفي اليوم الثاني يأتي بي إلى بيت أهلي وهكذا، وأحيانا لا يأتي باليومين والثلاثة ويأتي إلى بيت أهلي ويبقى بالساعات يتحدث معي ولا يأخذني إلى بيتي، وبعدها أصبح يشتمني ويهينني ويسب أهلي، ولكنني رددت عليه بأنه غير عادل وأنه لا يصرف علي حتى في بيتي، بل آتي بالأكل من بيت أهلي وأصبحت المشاكل شهريا وطلبت الطلاق للضرر، لأنه يضربني ويهينني ويقول لي إنني عاقر رغم أن الدكتور قال لي اعملي تلقيحا صناعيا، والمفروض أن أعمله، فهل الشرع يريدني أن أخاف وأرضى بهذا الوضع؟ مع أنني أصبر، ولن أظل أتحمل؟ أليس الزواج طمأنينة واستقرارا؟ حيث إن بيتي بعيد عن المدينة وطلبت منه القاضية أن يشتري لي منزلا بالقرب من منزله الأول، ولكنه لم يفعل، وحكمت له المحكمة بإرجاعي وقال لي تعالي إلى بيت أمي أياما، والأيام الثلاثة الأخرى سوف نذهب إلى بيتنا، ولكنه لم يفعل بحجة انشغاله بأولاده، وصبرت في ذلك البيت الذي لم أر فيه الراحة والاستقرار، حيث إنه غير نظيف رغم أنني تعبت في تنظيفه ولكن الحشرات كثيرة وقدوم الضيوف بدون إذن لم أرتح له، وكذا في نومي وملبسي واستقراري، فملابسي أضعها في حقيبة، وفي أحد الأيام قال لي لماذا أنت باقية هنا؟ اذهبي، وأهانني أمام أمه وأولاده وزوجته، وطلبت الطلاق للضرر ولكنه قام بحكم من المحكمة بإرجاعي بحجة أنه لا يريد أن يدفع لي مقدم الصداق ومؤخره، كما قال لي ابنه الأكبر، أفتوني ماذا أفعل مع هذا الزوج الظالم الأناني القاسي؟ وفي أحد الأيام وأنا أنظف كتبه وجدت حجابا به سحر ـ جدول وأرقام ـ فعرفت أنه يتعامل بالسحر، وعندما أخبرته قال لي هذا ليس من شغلك، وأخبرت أمه فصمتت، أعينوني، عرفت أن سبب صبري وتحملي طوال تلك الفترة سحره لي ـ حسبي الله ونعم الوكيل ـ ومنذ أسابيع قال لي أريد تطليقك إذا لم تطيعيني، وقال لي قولي لأهلك أن يأتوا لأخذ أثاثك وملابسك، ومنذ يومين كنت عند أختي وعندما حضرت من السفر تشاجرنا في الطريق وقال لي أنت مطلقة وذهب بي إلى بيت أهلي، لا أريد العودة إليه، لأنه متقلب المزاج يدعي الدين والخلق أمام الناس ولكنه لا يصلي التراويح في رمضان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك في أن الزواج ينبغي أن يكون سكنا وطمأنينة للزوجين، كما أراده الله تعالى، قال سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

ومن أهم ما يتحقق به ذلك قيام كل من الزوجين بما يجب عليه تجاه الآخر، ومن حقوق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف، وأن ينفق عليها ويوفر لها المسكن المستقل اللائق بها، وأن يعدل بينها وبين زوجته الأخرى في القسم، ولمزيد الفائدة يمكنك مطالعة الفتوى رقم: 27662.

فإن كان زوجك على ذلك الحال الذي ذكرت، فهو مفرط وظالم، واعلمي أن قول الزوج لزوجته: أنت مطلقة ـ هو طلاق صريح، فبما أنه قد طلقك فنرجو أن يكون في ذلك خير لك، فليس الطلاق مفسدة دائما، بل قد تكون فيه مصلحة، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}.

قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

وانظري الفتوى رقم: 48538.

وإن كان زوجك يملك الرجعة فأراد أن يرجعك، ولا ترغبين في الرجوع إليه فيمكنك أن تفدي نفسك منه بعوض تدفعينه إليه، فمخالعة الرجعية صحيحة في قول جمهور الفقهاء، كما أوضحنا بالفتوى رقم: 155235.

وننبه إلى خطورة ترك الصلاة وعظم الإثم فيه، فإنه من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض العلماء إلى كفر تاركها ـ ولو كسلا ـ وخروجه عن ملة الإسلام، فلينتبه لذلك وليناصح من وقع في هذا الإثم ويذكر بالله ليرجع إلى جادة الصواب، وتراجع الفتوى رقم: 1145.

ويمكنك التواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا لعلك تجدين عندهم المزيد النصائح والتوجيهات المفيدة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني