السؤال
توفي زوجي في حادث أثناء ذهابه للعمل، وكان غريبا في غير وطنه والناس جميعا يبكون عليه لحسن خلقه، ولكنني أتعذب لسببين: الأول: أنني كنت أدعو عليه رغم أنه لم يظلمني أبدا، ولذلك أشعر أنني السبب فيما حدث له، والثاني: أنني كنت أمنعه نفسي كثيرا، ورغم ذلك كان يقول لي إنه ليس غاضبا علي وأنه راض عني، ولذلك أخشى أن يكون وقع في معصية مثل العادة السرية قبل وفاته، ولا أعرف ماذا أفعل له حتى يغفر الله له؟ سأعمل له عمرة، فهل هذا يكفر عنه كما لو كان عملها هو بنفسه؟ وهل استغفاري له من الممكن أن يجعل الله يغفر له إن كان وقع في ذنب؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كنت تفعلينه من الدعاء على زوجك هذا بغير حق، ومن منعك له من نفسك، ذنبان من الذنوب التي يظلم العبد بها نفسه ليس لمن تعاطاهما ـ وقد فات الأوان على التحلل من المظلوم ـ إلا أن ينصح التوبة إلى الله عزّ وجل ويخلص في الضراعة إليه، فبابه سبحانه مفتوح للتائبين وعفوه واسع لا يتعاظم عليه ذنب، وقد ذكرنا في غير ما فتوى أن التحلل من تبعات الظلم شأنه أن يكون باستحلال المظلوم، لكن من تاب وعجز عن التحلل فالمرجو من لطف الله وكرمه أن يرضي المظلوم بما شاء من الأجر في الآخرة، ويتجاوز عن الظالم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 170689.
أما ما قد ذكرت من أن هذا الزوج كان راضيا عنك رغم النشوز عليه في الفراش: فإن كان ذلك عن مسامحة وتحليل لك من حقه فعسى أن يكون ذلك نافعا، لأن في النشوز حقا للزوج إذا أسقطه سقط، وراجعي الفتوى رقم: 123234.
أما ما ذكرت من العمرة والاستغفار له: فثواب ذلك يلحقه وينفعه ـ إن شاء الله ـ وهو كذلك برهان على صدقك في التوبة مما أسأت إليه به قبل موته، فكل عمل يعمله الحي ويجعل ثوابه لميت من موتى المسلمين، فإن الميت ينتفع به ويبلغه ذلك الثواب ـ إن شاء الله ـ قال في الروض المربع: وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم أو حي نفعه ذلك، قال أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه. اهـ
والله أعلم.