السؤال
أنا شاب التزمت ـ ولله الحمد والمنة ـ وبعد التزامي واجهت صعوبات ومشاكل مع والدي وأهلي وأقاربي، فكلما رأوني انهالوا علي بأنواع الاستهزاء، والسخرية من التزامي ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، هذه ناحية، والناحية الأخرى أن أهلي يريدون مني الذهاب لزيارة الأقارب وحضور الأفراح، مع العلم أن الأفراح وبيوت أقاربي مليئة باختلاط النساء والرجال والعري، فهل تجب علي صلة الأرحام أم لا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتك ويسددك ويشرح صدرك ويوفقك لطاعته ويهديك لأرشد أمرك، واعلم أن توفيق الله وتيسيره لك سبيل الهداية نعمة عظيمة تستوجب الشكر، فأقبل على الله عز وجل ولا تلتفت لسخرية الساخرين واستهزاء المستهزئين، واصبر على أهلك وارفق بهم واجتهد في دعوتهم والأخذ بأيديهم إلى طريق الهداية، ومن أعظم وسائل الدعوة الاستعانة بالله والإحسان إلى المدعو والإلحاح في الدعاء له بظهر الغيب، فاجتهد في الإحسان إلى أهلك وخاصة والديك، فإنّ حقّهما عظيم وبرّهما وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات ومن أعظم أسباب رضا الله، وانصحهم برفق ولين وتخيّر الوقت المناسب والأسلوب الملائم، ويمكنك الاستعانة في ذلك بإهداء بعض الأشرطة أو الكتب أو التوجيه للمواعظ والدروس بالمساجد أو البرامج التي تبث على القنوات الفضائية، أما بخصوص رغبتهم في حضورك الأفراح المشتملة على المنكرات: فلا تجوز لك طاعتهم في ذلك؛ إلا إذا كنت تقدر على تغيير المنكرات، أو كنت تحضر بعيدا عن أماكن المحرمات، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 102825.
وأما صلة الرحم: فواجبة عليك، بل هي من أوكد الواجبات ومن أحب الأعمال إلى الله، فاحرص على صلة أرحامك من غير أن تعرض نفسك لفتنة أو تقع في محرم، واعلم أنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم طرقاً معينة أو قدراً محدداً، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة، قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله، لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.