الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علة الاختلاف في تقدير نصاب الزكاة

السؤال

حياكم الله علماءنا الكرام، لأ أقول لكم اندهشت بل تعجبت حينما قرأت فتوى لأحد العلماء وهو على قدر من الدين، قال إن نصاب الذهب الخالص سبعون جراما، فالمتعارف عليه بين أهل العلم بل فيه إجماع أن نصاب الذهب الخالص خمسة وثمانون جراما. فماذا يحدث للعلماء! غير أنه قال هذا الراجح بين أهل العلم بعد التدقيق في الجرام! فكل الأقوال تقول إن النصاب خمسة وثمانون جراما، لا أدري أشعر كأنني في كوكب غير كوكب الأرض حتى يحدث هذا الاختلاف بين العلماء!!
أسأل الله أن يخفف علي أمته هذا الخلاف الذي أصبح خارجا عن المألوف حتى في تحديد الزكاة التي أوجبها الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهوني عليك أيتها الأخت الكريمة، فالأمر أيسر من ذلك بكثير، ولا يستدعي منك كل هذا الضيق والتشنج، فإن الخلاف بين الناس في مسائل الدين سنة ماضية من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى يوم الناس هذا، وإلى ما شاء الله. ومثل هذا الخلاف إذا كان ناشئا عن اجتهاد وتحر للحق فلا حرج فيه؛ بل هو رحمة في حق المختلفين والمقلدين جميعا.

قال شيخ الإسلام: ولهذا لما استشار الرشيد مالكا أن يحمل الناس على موطئه في مثل هذه المسائل منعه من ذلك، وقال : إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم. صنف رجل كتابا في الاختلاف فقال أحمد: لا تسمه " كتاب الاختلاف " ولكن سمه " كتاب السعة.. ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالا، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا، كان في الأمر سعة. وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه. انتهى.

فإذا تبين لك هذا، وأن الأمر أهون مما تظنين، فإن الواجب على من كان قادرا على النظر في الحجج ومعرفة الحق بدليله، أن يعمل بما يترجح له. ومن كان عاميا عاجزا عن النظر والاستدلال، فإنه يقلد من يثق به من أهل العلم والدين؛ وانظري لما يجب على العامي إذا اختلفت عليه أقوال العلماء الفتوى رقم: 120640.

وأما هذه المسألة، فإن العلماء لم يتنازعوا في أن الزكاة تجب في عشرين دينارا من الذهب، وإنما اختلفوا في تقدير الدينار بالأوزان المعاصرة، وهذا الذي أوجب لهم اختلاف التقديرات، والذي نفتي به هو أن نصاب الذهب يبلغ خمسة وثمانين جراما من الذهب الخالص تقريبا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني