السؤال
هل يجوز الدعاء للميت بهذا الدعاء: اللهم أنت تعلم أنه لو كان ضيفي لأكرمته، والآن هو ضيفك فأكرمه يا أكرم المكرمين؟ قرأت في أحد المنتديات أن رجلاً وافته المنية وبعد دفنه رأى أحد أهله رؤيا في منامه، وهي أنه أتاه مناد يخبره أن صاحبكم الذي دفنتموه غفر الله له بسبب دعاء فلان له، وعندما سألوا الرجل عن الدعاء ذكر هذا الدعاء، فما صحة ذلك؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعاء للميت يصح بكل صيغة تفيد الترحم والاستغفار وسؤال الخير له، ولا يتعين فيه دعاء مخصوص، كما نص عليه جمع من الفقهاء ـ كالنووي والهيتمي والبهوتي وابن قدامة وغيرهم ـ ومما يقرب من هذا المعنى المذكور في السؤال ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يقول فيما رواه عنه واثلة بن الأسقع أنه صلى الله عليه وسلم قال في الدعاء لميت: اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِ من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر له وارحمه، فإنك أنت الغفور الرحيم. رواه أحمد وأبو داود.
ونقل النووي في المجموع عن الشافعي أنه استحب أن يقال في الدعاء: اللهم نزل بك، وأنت خير منزول به, وأصبح فقيرا إلى رحمتك, وأنت غني عن عذابه, وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له... اهـ.
ولا شك أن الأولى هو الدعاء بالمأثور الثابت في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعا للميت بإخلاص دعاء غير مأثور فنرجو حصول النفع به، لما في الحديث: إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء. رواه أبو داود.
قال الشوكاني: قوله: فأخلصوا له الدعاء ـ فيه دليل على أنه لا يتعين دعاء مخصوص من هذه الأدعية الواردة, وأنه ينبغي للمصلي على الميت أن يخلص الدعاء له, سواء كان محسنا أو مسيئا, فإن ملابس المعاصي أحوج الناس إلى دعاء إخوانه المسلمين وأفقرهم إلى شفاعتهم، ولذلك قدموه بين أيديهم... اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: الواجب أدنى دعاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ـ رواه أبو داود، وهذا يحصل بأدنى دعاء, ولأن المقصود الشفاعة للميت والدعاء، فيجب أقل ذلك، ويستحب أن يدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين، قال أحمد: وليس على الميت دعاء مؤقت. اهـ.
وقال النووي في المجموع: اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أن الدعاء فرض في صلاة الجنازة وركن من أركانها وأقله ما يقع عليه اسم الدعاء... واتفقوا على أنه لا يتعين لها دعاء، أما الأفضل: فجاءت فيه أحاديث منها: حديث عوف بن مالك قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له وارحمه, وعافه واعف عنه، وأكرم نزله, ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد, ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره, وأهلا خيرا من أهله, وزوجا خيرا من زوجه, وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر, ومن عذاب النار ـ قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت، لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ رواه مسلم في صحيحه, وزاد مسلم في رواية له ـ وقه فتنة القبر وعذاب القبر، وذكر تمامه.... ثم ذكر أدعية مأثورة أخرى، ودعاء اختاره الشافعي. اهـ.
والله أعلم.