الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى تعلق عدم وجود العمل بارتكاب الذنوب في الصغر

السؤال

أحدثت في الصغر وكنت في سن المراهقة الكثير من الذنوب والتي من الممكن أن تكون من الكبائر ومرت بي الأيام والحمد لله أجاهد نفسي على الطاعة والعبادة ليغفر الله لي هذه الذنوب، ولكن أحوالي غريبة، فمثلا: قبل هذه الذنوب كان دعائي يستجاب وكنت أطلب من الله فيعطيني، وكنت أشعر بلذة العبادة وحلاوتها، واليوم أستغفر وأصلي وأقرأ القرآن ولا أداوم عليه وأشعر كثيرا بعدم الراحة والخوف والقلق الشديد، فأنا أصلي الفجر وأظل أدعو الله وألتمس الأوقات التي يستجاب الدعاء فيها ولكن لا يحدث شيء، سيدي الفاضل لقد بلغت من العمر 32 عاما وأنا متزوج وعندي ولدان والحمد لله، وما زلت حتى اليوم أبحث عن فرصة عمل محترمة تناسبني، ولدي طموح غير عادي وأحب كثيرا التطوير والتجديد، وحصلت على الكثير من الجوائز وشهادات التقدير من جهات حكومية وغير حكومية وذلك في الأبحاث العلمية، وقد أرسلت أوراقي لكثير من الهيئات والشركات دون جدوي، فقمت بشراء وظيفتي بمعنى أن أحد الأشخاص علم أنني أريد عملا فعرض علي إحدى الوظائف المحترمة التي لا يلتحق بها إلا أصحاب الوساطات، أو من يدفع المال فوافقت وظللت أقدم في الأوراق من سنة 2007 وحتى 2010 حتى جاءت تأشيرة الموافقة على العمل وذهبت إلى الشركة وهناك قدمت أوارقي مرة أخرى وانتظرت، والغريب أن الموضوع تعطل مع العلم أنني كل يوم كنت أذهب إلى الشركة لأتابع يذهب أيضا هذا الوسيط ليتابع مع المسئولين في الشركة، فحزنت كثيرا وضاع الكثير من المال في ذلك وجلست مع نفسي وقلت لها من الممكن أن فشل، وهذا الموضوع بسبب أنه خطأ من البداية بسبب هذه الرشوة، وهذا السائد في بلدي وكنت قبل الشروع في ذلك قد سألت أحد المشايخ في هذا الأمر فأوضح لي أن الرشوة تدفع لأخذ حق ليس لي وضرب لي مثالا لذلك بالقاتل الذي يدفع رشوة لتتم تبرئته من الجريمة، فهذا حق وهو البراءة ولكن ليس له، وهذا العمل حق لك وحق على الدولة أن يعطوه لك ومؤهلاتك تساعدك على ذلك، فمن يأخذ منك هذا المال هو من سيحاسب عليه وكنت أدعو الله ليلا ونهارا أن يتم هذا الأمر، وفي أحد الأيام اتصل بي أخي ودلني على دورة تأهيلية بسعر مغر ومناسب وأنه تحدث مع دكتور يدرسه في الجامعة عني لأخذ هذه الدورة فوافق الدكتور وخفض لي السعر وتحدث معه أخي عني فأعجب الدكتور بي كثيرا وقال لأخي أرسل لي السيرة الذاتية لأخيك وسوف ألحقه بعمل مناسب ومحترم، وبالفعل اتصل بي أخي وقال لي هذا الكلام ففرحت كثيرا وأرسلت السيرة الذاتية واطلع عليها وأعجب بها كثيرا وقال له سأبشرك قريبا، ولم يحدث شيء ووقف الموضوع وكأن شيئا لم يكن فحزنت كثيرا، وظللت أرسل أوراقي هنا وهناك، وكل ذلك وأنا أدعو الله أن يساعدني ويهيئ لي من يساعدني، فذهبت للعمل في الشركات الخاصة وعملت بها 7 شهور ثم تركت العمل وكان ذلك بسبب أني أذهب للعمل فجرا وأعود منه في 7 مساء، وشهد لي الكثير من زملائي بالكفاءة وتركته لأنني كنت أتغيب طول الوقت عن متابعة أمي المريضة لبعد المسافة وقلة الراتب، وقمت بعمل الكثير من المشاريع بجد ونشاط، وسرعان ما تخسر وتفشل، فعرض علي أحد المقربين أن أذهب إلي شيخ، فمن الممكن أن أكون مصابا بسحر وقف الحال وفكرت كثيرا في السفر للعمل هناك ولكن مرض أمي حال بيني وبين السفر وكانت أمي تدعو لي كثيرا أن يرزقني الله بالوظيفة التي أحبها، وظللت بجوار أخي الصغير أشد من أزره وأساعده حتى تخرج وبتفوق ورزقه الله وظيفة في الجامعة التي تخرج منها وجاءه جواب التعيين بالأمس والحمد لله، فهل هذا بسبب الذنوب القديمة يعاقبني الله عليها فأحرم الرزق بسببها؟ أم هو سحر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه ليس عندنا ما يجزم به في سبب هذا الأمر، ولكننا ننبهك إلى بعض الأمور المتعلقة بما ذكرت:

1ـ أن المسلم يشرع له أن يرقي نفسه بالرقية الشرعية سواء كان مصابا أم لا.

2ـ أن الدعاء الذي يدعو به المسلم ربه الكريم القادر لن يضيع، فإن لم يتيسر لك ما أردته الآن، فلا تيأس ولا تجزع ولا تقنط فربما يكون الله اختار لك ما هو أفضل، وقد بسطنا الكلام على هذا في الفتوى رقم: 201652.

3ـ لا تيأس من الظفر بعمل يفي بحاجتك، واحرص على اتخاذ كل الوسائل المباحة واجتنب الوسائل المحرمة.

4ـ أنك إذا كنت قد فعلت ما فعلت قبل البلوغ، فلا مؤاخذة عليك ـ إن شاء الله ـ لما روته أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وأصحاب السنن، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني